نظام التجريم و العقاب في الجزائر
في مساهمات ثقافية, مقالات قانونية
لم يكن للجزائر قبل الاستعمار الفرنسي عام 1830 اي قانون عدا القانون الذي نصت عليه الشريعة
الاسلامية و استمر هذا القانون في السريان الى فترة قصيرة بعد الاستعمار و كانت تطبق العقوبات
الشرعية وان لم يكن هذا التطبيق شاملا لكل انحاء الجزائر, ففي الغرب الجزائري مثلا اقبل الامير عبد
القادر على الوظائف الشرعية فعين في كل دائرة قاضيا عالما بفصل القضايا الشرعية وفقا لمذهب
الامام مالك وشرط ان يكون فقيها نزيها مشهورا بالتدين.
وقد حاولت السلطات الفرنسية ان تبسط قوانينها التي تخدم مصالحها في كل مكان ولما لم يتسنى
لها ذلك فعمدت على تجزئة القوانين حيث وضعت للنزاعات التي يكون طرفاها او احد اطرافها فرنسيا قانونا
خاصا وهو قانون العقوبات الفرنسي و اما النزاعات التي تقوم بين الجزائريين فيما بينهم فطبقت عليها
القانون الذي نصت عليه الشريعة…
في يوم 26/09/1842 طبقت السلطات الفرنسية التنظيم القضائي الجديد في الجزائر وبدئ العمل
به في جانفي 1834 و بذلك مسح القضاء الاسلامي نهائيا. وقد طبقت السلطات الفرنسية بعد ذلك على
الجزائريين قوانين متعددة لا وجود لها في قانون العقوبات الفرنسي و انما كانت تلك العقوبات تتماشى
مع مصالحها و من تلك العقوبات الغرامة الجماعية التي كانت توقعها على سكان القرية او القبيلة جميعا
دون استثناء في حالة التمرد ضد السلطات الفرنسية ضاربة بذلك مبدا شخصية العقوبة المنصوص عليه
في قانونها عرض الحائط وكذلك عقوبة الاعتقال و الوضع تحت المراقبة و هذه العقوبات وضعت للمعادين
للوجود الفرنسي في الجزائر و هي تضمن في مجملها طابع التميز بين الجزائريين و الاوروبيين
وبفعل الظروف الوطنية و الدولية صدر امر جديد في 23/11/1944 و بموجبه اصبح جميع الجزائريين
خاضعين على العموم للتشريع النافذ على الفرنسيين و قد حمل هذا الامر بعض الاصلاحات حيث نظم
طرق المعارضة و اجراءات التنفيذ المؤقت و القضاء المستعجل وحصر اختصاص القاضي الشرعي في
الاحوال الشخصية وحدد اختصاص المحاكم والغى التميز ىبين الجزائريين و غيرهم كما الغى العقوبة
الادارية و باندلاع الثورة الجزائرية في 01/11/1954 الغت فرنسا بعض الاصلاحات التي جاء بها الامر
السابق فانشات المحاكم العسكرية و الخاصة وعادت الى الاعتقال الاداري و في عام 1956 اضافت
امر اخر خاص بالنظر في جرائم التمرد المسلح و هو الاسم الذي كانت تطلقه على الثورة و اهدرت
بذلك الحريات الفردية و بشكل فضيع وفي 32/12/1958 صدر امر رقم 58/1297 و الذي عدل المادة
447 من القانون الفرنسي و التي اصبح بمقتضاها قانون العقوبات المطبق في فرنسا هو المطبق
في الجزائر على جميع سكانها دون تمييز و عند استقلال الجزائر عام1962 صدر الامر رقم 62/157
المؤرخ في 31/12/1962 و يقضي بتمديد مفعول التشريع الفرنسي المطبق في الجزائر في ذلك
التاريخ باستثناء الاحكام التي تتعارض مع السيادة الوطنية و في 08/06/1966 صدرت مجموعة
قانون العقوبات بالامر رقم 66/156 و هو القانون المعمول به اليوم و عدل عدة مرات في سنوات
1975/1982/1990/1995 و اخرها كان في 2001 تشير بعض المصادر الى ان مشروعه التمهيدي
كان جاهز ابتداء من 12/06/1963 و انه اقتبس من التقنيات المغربية و التونسية و الفرنسية و السويسرية.
المرجع
القانون الجنائي العام للدكتور منصور رحماني
2015-06-16