تعيش اللجنة الوزارية المشتركة بين وزارتي العدل والتعليم العالي، والتي أشرفت
على مسابقة الكفاءة المهنية للمحاماة، ورطة حقيقة، وهذا بسبب ضعف النتائج
المحصل عليها في المسابقة.
علمت “الحوار” من مصادر مطلعة أن الجهات الوصية تأخرت في نشر نتائج
الكفاءة المهنية للمحاماة، بسبب النتائج الكارثية على المستوى الوطني التي
تحصل عليها الطلبة، وأجريت مسابقة شهر ماي الماضي، ولم تنشر النتائج إلى
حد الساعة، وهذه المسابقة هي الأولى في تاريخ المحاماة بالجزائر، وأقيمت
المسابقة على مستوى كليات الجزائر العاصمة التي سجل فيها وحدها 2264
متسابق، ورقلة، مسيلة، بليدة، باتنة، قسنطينة، بسكرة، وهران، سيدي
بلعباس، سطيف، تيزي وزو، عنابة، تلمسان وبجاية، وبعد تصحيح الأوراق تبين
أن أقل من عُشر المترشحين حصل على علامة القبول، أي أقل من 226 طالب.
وتكمن ورطة وزارتي العدل والتعليم العالي، في كون عدد الناجحين قليل جدا،
لا يكفي لفتح دفعة جديدة من أجل تكوينهم، ذلك أن مهنة المحاماة هي مهنة
حرة ولا تحصل على معونات الدولة، وأجور المدرسين تدفع من اشتراكات
المتكونين التي تبلغ 10 ألاف دينار جزائري، ومع قلة عدد الطلبة هذا سيؤدي
إلى عدم إمكانية دفع الأجور وباقي المصاريف، هذه الوضيعة دفعت بعض
الجهات إلى اقتراح بدائل، منها إقامة مسابقة جديدة شهر أكتوبر القادم
، كحل يضمن زيادة عدد الطلبة.
ورفض الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين، تأطير مسابقة الكفاءة المهنية
للمحاماة، وهدد بعدم تدريس الناجحين، وهذا بسبب اعتراضه على القرار الوزاري
المشترك المتضمن تنظيم المسابقة، هذا القرار الذي يجعل عدد القضاة أكثر
من المحامين على مستوى اللجان، وهذا ما أغضب نقباء المحاماة.
وكانت مهنة المحاماة عرفت إصلاحات وتغيرات مع صدور القانون 13/07 المنظم
للمهنة، هذا القانون الذي ألزم الراغبين على الالتحاق بمهنة المحاماة على
اجتياز مسابقة ثم التكوين لمدة سنتين في مدارس المحاماة ثم التربص لمدة
سنتين أيضا بمكتب محامي معتمد لدى المحكمة العليا أو لديه خبرة 10 سنوات
محاماة.
وأدى تأخر إنشاء مدارس المحاماة، إلى العديد من الخلافات بين اتحاد منظمات
المحامين من جهة التي تصر على تكوين المحامين في مدارس المحاماة
والوزارات الوصية، العدل والتعليم العالي، وسمحت بتكوين المحامين في
كليات القانون كحل مؤقت.
من العجيب أن يتم الحديث عن ضعف المستوى وليس هناك جهود لدى كل الجهات لتحسين المستوى، في ظل السياسات الفاشلة على مستوى التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والذي أثر على التعليم الجامعي بالإضافة إلى فشل نظام LMD الذي لم يكن اختيارا صائبا ومخططا له. فالفوضى الذي عرفها بالإضافة إلى تناقضه مع توجهات وزارة العدل التي لم تساير توجهات التعليم الجامعي، فكانت النتيجة سعي للتخصص في التعليم العالي بفتح تخصصات قانون عام – قانون خاص أو تفريع الاختصاص (دولي – جنائي – عقود مدنية – قانون الأعمال – الأحوال الشخصية …) وبقاء مسابقات وزارة العدل على حالها في المزج بين الخاص والعام وجميع فروع القانون. فكانت النتيجة ضعف النتائج ليس على مستوى مسابقة الكفاءة المهنية للمحاماة فقط بل على مستوى مسابقة القضاء ولاحقا على مستوى مسابقات المحضرين القضائيين والموثقين. ومن جهة أخرى فإن عدم ضبط طريقة التكوين ذاتها تؤدي إلى ضعف التكوين. فالأساتذة المكونين لا يخضع اختيارهم للشروط النوعية أو الأكاديمية من جهة وصراع وزارة العدل من جهة ونقابات المحامين إلى إبقاء ذلك في مجال اختصاصها على الرغم من عدم مساهمة وزارة العدل في هذا التكوين سوى الاستحواذ على تنظيم المسابقة ثم إدخال وزارة التعليم العالي (كليات الحقوق) كوسيلة لتمرير هذا التكوين. على الرغم من المقابل الهزيل جدا لجهود الأساتذة الجامعيين. وفي ظل كل هذه العوامل المحبطة يبقى الطلبة (المتسابقون) كرة تتبادلها هذه الجهات (المسؤولة)، فمتى يفرج عن قائمة الناجحين يا وزارة العدل؟