مرافعة من اجل تطبيق عقوبة الاعدام في جرائم القتل والاختطاف (الجزء الأول )
في مسألة فيها نظر, مساهمة بتوقيع, مستجدات
مساهمة بتوقيع الاستاذ عمار خبابة
مرافعة من اجل تطبيق عقوبة الاعدام في جرائم القتل والاختطاف
مقدمة:
يقصد بعقوبة الإعدام إنهاء حياة المحكوم عليه بموجب حكم قضائي طبقا لنص قانوني وتعتبر هذه العقوبة أكثر
إثارة للجدل حول الإبقاء اوالإلغاء، إذ يرى فريق من فقهاء القانون ضرورة إلغائها لتعارضها مع الغرض المتوخى من
العقوبة الرامي إلى الإصلاح والتهذيب في حين يرى فريق آخر ضرورة الإبقاء عليها كونها تحقق الردع الذي يحول
دون ارتكاب الجريمة . وقد تعدى الموضوع مرحلة الجدل الفقهي ، وتحول مناهضو هذه العقوبة الى جبهة عالمية
تجمع منظمات دولية تحت تسميات عديدة ، وشهدت الجزائر حملة مركزة لإقناع الرأي العام بضرورة إلغاء عقوبة
الإعدام من القانون الجزائري لعدة سنوات ، وقد شجع هذه الحملة قيام الدولة الجزائرية سنة 1993 بوقف
تنفيذها ، ثم مصادقة الجزائر على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 62/149 سنة 2007 المتضمن وقف
تنفيذ عقوبة الاعدام غير أن هذا الاتجاه وجد معارضة صريحة وقوية من قبل فئات عريضة من المجتمع خاصة
بالنسبة لجرائم القتل والاختطاف. ولهذا ساتعرض في عرضي هذا عن الفريقين مختتما بوجهة نظر لتجاوز هذا
التجاذب ، والاتفاق على كلمة سواء.
أولا : مسعى إلغاء عقوبة الإعدام تحت وطأة أفكار عدة لعل أبرزها فكرة أنسنة القانون العقابي ،واحترام
حقوق الإنسان ، برز اتجاه عالمي تقوده مؤسسات حقوقية وقانونية يسعى إلى إلغاء أو تجميد عقوبة
الإعدام وقد انخرطت بعض الدول في هذا المسعى وألغت العقوبة قانونا وعملا ، واحتفظت دولا أخرى
بتطبيق هذه العقوبة ، وقد وجد هذا المسعى صدى له عند بعض الأوساط الجزائرية القانونية الحقوقية ،
والسياسية ، وتبرر هذه الأوساط انخراطها في هذه الحملة بجملة من المبررات الواقعية والمراجع القانونية
والحقوقية هي نفسها التي يتمسك بها الاتجاه العالمي
1 ـ المبررات الواقعية : يرى الاتجاه المؤيد لإلغاء عقوبة الإعدام أن العقوبة تعد انتهاكا للحق في الحياة
،والحق في عدم التعرض لعقوبة قاسية لا إنسانية أو مهينة ، وأن هذه العقوبة مرتبطة في معظمها
بالجرائم السياسية و أن المحاكمات غير عادلة والقاضي في العدالة الجزائرية غير حر، وأن شروط إصدار
أحكام الإعدام غير متوفرة ، كما أن تنفيذ عقوبة الإعدام لا يترك مجالا لإصلاح الخطأ القضائي عند وقوعه
ويرى دعاة إلغاء عقوبة الإعدام من التشريع الجزائري أن الهدف المتوخى منها وهو الردع العام غير
مضمون النتائج ، بل هناك من يجزم بعدم وجود أي دليل على ردعية هذه العقوبة ، وفي النهاية
وطالما أن القانون الجزائري وضعي وان أحكام الشريعة غير مطبقة في جميع الأحكام الجزائية
والجنائية فلماذا يقتصر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية إذن على عقوبة الإعدام وحدها
2 ـالمرجعيات القانونية والحقوقية :
يؤسس دعاة إلغاء عقوبة الإعدام أو وقف تنفيذها على بعض النصوص القانونية الدولية لعل أهمها هو
أـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 :
الذي نص في المادة 3 على أن لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه
ب ـ البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد لدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1989 :
والذي دعا إلى إلغاء عقوبة الإعدام من اجل المساهمة في تعزيز الكرامة
الإنسانية والتطور التدريجي لحقوق الإنسان
ج ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
والذي يفرض مجموعة واسعة من القيود يجب استخدامها في الدول التي لم تلغ عقوبة الإعدام
د ـ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل:
والتي تمنع منعا باتا تطبيق عقوبة الإعدام على الأطفال وعملا بما سبق ذكره في المجال الدولي
وتجسيدا لما جاء في النصوص المذكورة أعلاه أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة توصية تحت رقم
149/62 بتاريخ 18/12/2007 تتضمن وقف استخدام عقوبة الإعدام وقد صوت على هذه التوصية 109 دولة
وامتنع عن التصويت 29 دولة من بينها لبنان ،المغرب ، والإمارات العربية المتحدة وصوت ضد التوصية 54 دولة من
بينها جميع الدول العربية الباقية وتغيبت 05 دول من بينها تونس وتعتبر الجزائر البلد العربي الوحيد الذي صوت
على هذه التوصية ولتفعيل هذه التوصية عقدت بالجزائر ندوة إقليمية في جانفي 2009 وصدر عن هذه الندوة
جملة من التوصيات ألحت من خلالها على الدول العربية بما يلي :
– إلغاء عقوبة الإعدام بعد وقف العمل بها
ـ مناشدة نشطاء حقوق الإنسان بتوعية المجتمع بالتخلي عن ثقافة الثأر ونشر ثقافة حقوق الإنسان
ـ ضرورة التقليص التدريجي للجرائم المعاقب عليها بالإعدام
ـ مطالبة القضاة بالالتزام بالمعايير الدولية لضمان محاكمة عادلة.
يتبع…
الاستاذ عمار خبابة
2018-03-04