مرافعة من اجل تطبيق عقوبة الاعدام في جرائم القتل والاختطاف.(الجزء الثاني)
في مسألة فيها نظر, مساهمة بتوقيع, مستجدات
ثانيا المتمسكون بالإبقاء على عقوبة الاعدام وضرورة تنفيذها انطلاقا من أن تحديد العقوبة عند ارتكاب فعل
مجرمتتحكم فيه ثلاث معايير على الأقل هي : خطورة الفعل ، خطورة الفاعل ، وجسامة الضرر ، ، فإن التمسك
بتطبيق عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم الخطيرة عند مواجهة مجرمين محترفين لا أمل في إصلاحهم أو تقويمهم
يعتبر أمرا بديهيا .
1- القانون ابن بيئته :إن التمسك بضرورة الإبقاء على عقوبة الإعدام في القانون الجزائري ،
ينطلق من قاعدة عامة مفادها أن النظام القانوني في المجتمع لابد أن يعكس القيم السائدة فيه وإلا ظل غريبا.
ولئن كانت الشريعة الإسلامية طوال قرون عديدة المصدر الرسمي الأول لمجموع القواعد التي تقيم نظام
المجتمع ، فتحكم سلوك الأفراد و علاقاتهم فيه ، فإنها لا تزال تحظى في الجزائر بمكانة متميزة في المنظومة
القانونية والضمير الجمعي ، رغم محاولات البعض الرامية الى القول بأن منظومتنا القانونية وضعية ولا تستمد
مرجعيتها من مبادئ الشريعة الإسلامية مثلما نص على ذلك بيان أول نوفمبر1954 ومن الجدير بالذكر في
عجالة أن الدستور الجزائري وهو القانون الأساسي في الدولة والذي يسمو على المعاهدات والقوانين ،ينص
في مادته الثانية أن الدين الإسلامي هو دين الدولة .
ويجب التذكير أن الشريعة الإسلامية تعد المصدر الرسمي الثاني بعد التشريع وهذا ما جاء به القانون المدني
الجزائري في المادة 01 منه والتي تنص على ما يلي :
يسري القانون ـ loi ـ على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في فحواها وإذا لم يوجد نص
تشريعي ، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية فإذا لم يوجد فبمقتضى العرف .
فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة . كما أن قانون الأسرة الجزائري ينص في
المادة 222 على مايلي : ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية .
ونقول هذا آخذين بعين الاعتبار ما نص عليه قانون العقوبات الجزائري في المادة الأولى منه : لا جريمة و لا
عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون لأن الأصل أن لا يخالف هذا القانون وغيره ما سبق ذكره ، ويتعين على المشرع
الجزائري أن لا يخالف نصا صريحا قطعي الثبوت قطعي الدلالة في القرآن الكريم أوفي السنة النبوية الشريفة .
فعقوبة قتل القاتل عقوبة شرعها الله تبارك وتعالى للحفاظ على الحياة وردع المجرمين إذ يقول الله تعالى في
سورة البقرة “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ” وأن الحكم بحد القتل قصاصا من القاتل هو
عين العدل ونفي للجاهلية ، أما التعاطف مع الجاني على حساب الضحية فهو عين الهمجية . ويشرح العديد من
الفقهاء بأن القصاص عبادة مثل الصيام والحج ولا يدخل في باب المعاملات .
واعتبرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في بيان لها صدر في جانفي 2009 مسعى حذف الإعدام من
القوانين محاولة للقفز على إرادة الشعب الجزائري المسلم ، وتجاوزللدستور وتقليد لجهات أجنبية ، وانسياق
وراء دعوات هيآت دولية أثبتت الأيام عجزها عن مجرد ادانة الجرائم البشعة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني
وغيره من الشعوب التي تتعرض للتقتيل الجماعي بشتى انواع الأسلحة .
وصرح رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الجزائري بان المجلس لا يطالب بإلغاء عقوبة الإعدام في كل الظروف
خاصة في جرائم القتل التي يتوجب فيها القصاص في الشريعة الإسلامية ، إذ يجب التمييز بين الحالات
الخطيرة وغيرها من باب احترام الشريعة ومن باب مراعاة الواقع وحفظ الدماء والأرواح وقد قبل ممثل الجزائر
في الأمم المتحدة مبدئيا بهذا الرأي.
2-الالتزامات الدولية : لم تصادق الجزائرعلى اية اتفاقية بشأن الغاء عقوبة الإعدام فالبروتوكول الاختياري
الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية هو الوثيقة الوحيدة التي تنص صراحة على الغاء عقوبة
الاعدام ،والجزائر صادقت فقط على قراراتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة يحمل رقم 62/149 بتاريخ 18
ديسمبر 2007 يتضمن وقف تنفيذ الاحكام الصادرة بتسليط عقوبة الاعدام هذا من جهة ومن جهة أخرى فان
القانون الدولي لا يحظر صراحة عقوبة الاعدام ، وانما يحدد فئات من الناس لايجب اعدامهم ومن جهة ثالثة
تجب الاشارة الى ان العديد من الدول صادقت على هذا القرار واوقفت تنفيذ الاعدام ثم تراجعت واستأنفت
تنفيذ الاعدام نذكر من بينها : الأردن ، اليابان ، والهند ، وباكستان ، وغامبيا دون ان ننسى ان العديد من
الدول لم توقف تنفيذ الاعدام بتاتا مثل الصين ، والولايات المتحدة ، وايران والسعودية ، والعراق الخ بل
هناك أكثر من 60 دولة في العالم مازال بها حكم الاعدام ساري المفعول أما الذين يقولونأن تصويت
الجزائر على قرار تجميد تنفيذ عقوبة الإعدام. يمثل التزاما دوليا سيؤدي التراجع عنه إلى خدش صورة
الجزائر، وتصنيفها كدولة غير جادة في تنفيذ التزاماتها الدولية” نقول لهم لن يصيب دولة ذات سيادة أي
خدش طالما أنها صادقت على قرار في ظروف معينة ، والآن طرأت ظروف جديدة جعلتها تتراجع عن قرار
سيادي ولو مؤقتا …
ليس هناك اي خدش بل الخدش يحصل حينما نتنكر للثكالى والمروعين وهم يطالبون بتطبيق الاعدام …
تطبيق قرارات العدالة !!! هذا هو الخدش إن عدم تنفيذ الأحكام القضائية تعطيل للقانون، وإهانة للقضاء
و مساسا بحقوق المحكوم لهم ومكافأة للمحكوم عليه .
والسؤال المطروح للذين يتكلمون عن غياب المحاكمة العادلة … ماقولهم في من ضبط متلبسا بجريمة
قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد ؟ ما قولهم في من ثبت بالدليل القاطع انه القاتل في جريمة بشعة
بشاعة قتل الطفلين البريئين هارون وبراهيم .؟ إن الحق في الحياة لا يتجزأ … فالقتلى الذين ظلموا وغدر
بهم من حقهم التمتع بالحياة ، ولذويهم حق ، وللمجتمع 3- الضمانات التي وفرها المشرع : يجرم المشرع
الجزائري و يعاقب بالإعدام بموجب قانون العقوبات على حوالي 10 جرائم نذكر منها : الخيانة ـ التجسس ـ
الاعتداء على نظام الحكم ـ تكوين نظام مسلح ـ جرائم التقتيل والتخريب المخلة بأمن الدولة ـ الأفعال
الإرهابية ـ ـ إنشاء وإدارة حركة تمرد ـ ـ القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ـ التسميم ـ ـ تعذيب
المخطوف والمحجوز تعسفا ـ الخطف من اجل تسديد الفدية ـ ـ الفرار أمام العدو وقد حدد المشرع
الجزائري إجراءات تنفيذ حكم الإعدام كما يلي : – لا تنفذ عقوبة الإعدام إلا بعد رفض رئيس الجمهورية
طلب العفو ويقدم الطلب ولو لم يطلبه المحكوم عليه. ـ لا تنفذ عقوبة الإعدام على الحامل ،أو المرضعة
لطفل دون 24 شهرا ،و لا على المصاب بجنون أو بمرض خطير ،و لا أيام الأعياد الوطنية و الدينية
ولا يوم الجمعة أو خلال شهر رمضان . – ينقل المحكوم عليه بالإعدام إلى إحدى المؤسسات العقابية
المحددة في القانون ويودع في جناح مدعم أمنيا ، و يخضع لنظام الحبس الانفرادي ليلا و نهارا . – تنفذ
عقوبة الإعدام على المحكوم عليه رميا بالرصاص ،ويتم التنفيذ من غير حضور الجمهور ماعدا ـ رئيس
الجهة القضائية التي أصدرت الحكم . ـ ممثل النيابة العامة التي طلبت الحكم بها . ـ موظف عن وزارة
الداخلية . ـ محام المحكوم عليه. ـ رئيس المؤسسة العقابية . ــ أمين الضبط . ـ رجل دين وطبيب .
والملاحظ أن عقوبة الإعدام بالجزائر تم توقيفها منذ سنة 1993 بأمر من رئيس الدولة بقرار غير منشور
في الجريدة الرسمية لحد الساعة ولتبرير الوضع على ماهو عليه يستند الى المادة 91 من الدستور
للوقوف في وجه مطلب رفع التجميد عن تطبيق عقوبة الاعدام حيث ان هذه المادة تنص على أن رئيس
الجمهوريّة بالإضافة إلى السّلطات الّتي تخوّلها إيّاه صراحة أحكام أخرى له حقّ إصدار العفو وحقّ
تخفيض العقوبات أو استبدالها لكن هذا الحق يمارس بموجب مرسوم رئاسي ينشر في الجريدة
الرسمية ، وهذا ما لم نراه في أي حالة من حالات المحكوم فيها بالإعدام والمجمدة منذ 1993 خاتمة
ان النضال من أجل الحكم وتطبيق عقوبة الإعدام خاصة في جرائم القتل العمد والاختطاف بعد
محاكمة عادلة للمتهم ، لن ينقص من نضالنا كحقوقيين قيد أنملة ، بل يرفع من شأنه أمام مجتمعنا
وأن النقاش الدائر في الجزائرفي رأينا هو نقاش حول ضرورة تطبيق احكام محاكم الجنايات القاضية
بالإعدام ضد مرتكبي جرائم القتل واختطاف الأطفال ؟ وليس حول الغاء او إبقاء عقوبة الإعدام في
القانون الجزائري هذا وأن الإبقاء على عقوبة الإعدام في بعض الجرائم نرى انه مسألة قانونية
وليست قضية حقوقية ، و قضية قضاء جنائي بامتياز يعود الاختصاص فيه للقانون الوطني
ومبدأ السيادة . وأن اعتبار الشريعة الإسلامية الغراء مرجعية لهذه العقوبة سوف يضفي على
العقوبة وشاح العدل ، وليس رداء الهمجية مثلما يروج هنا وهناك . والجدير بالذكر أن إلغاء عقوبة
الإعدام جملة وتفصيلا من قانون العقوبات الجزائري قوبل وسيقابل بالرفض، وعليه نرى أن نضالنا
وعوض ان ينصب على الإلغاء الكلي لعقوبة الإعدام من القانون الجزائري ، وهو امر مخالف لرغبة
الغالبية العظمى للشعب نناضل جميعا من أجل جعل عقوبة الإعدام مقتصرة على جريمة القتل
ـواختطاف الأطفال واغتصابهم وقتلهم . ذ عمار خبابه المحامي والناشط الحقوقي
الاستاذ عمار خبابة
Khababaammar1@gmail.com
2018-03-07