الرئيسية / اهم الاحداث / متعاطو المخدرات بحاجة إلى محاكم خاصة

متعاطو المخدرات بحاجة إلى محاكم خاصة

 مداخلة ديليسا أن ريدغواي مستشارة بالمحكمة الفيدرالية الأمريكية  في الملتقى الدولي

الاخير حول ظاهرة المخدرات

قالت ديليسا أن ريدغواي مستشارة بالمحكمة الفيدرالية الأمريكية، إن الولايات المتحدة

الأمريكية انتهجت منذ سنوات عديدة، سياسة “محاكم المخدرات” نظرا للعدد الكبير من

المسجونين، التي امتلأت بهم بسبب استفحال ظاهرة استهلاك المخدرات من فئة

والترويج لها من طرف فئة أخرى. وأبدت خلال مداخلتها في الملتقى الدولي حول ظاهرة

المخدرات التي جاءت تحت عنوان “البدائل المقترحة من طرف المحاكم الأمريكية في

محاربة آفة المخدرات”، تثمينها لتلك المحاكم التي تعمل على مساعدة المستهلكين

على تخطّي مرحلة الإدمان، ومن ثمة التخلص من السموم نهائيا. عرضت المحاضرة

تجربتها الأمريكية من خلال برنامج يقدمه القاضي والمحامون، حسب نسبة إدمان

المتهم.

وأشارت إلى أن الحكومة الأمريكية تنفق مبالغ ضخمة من أجل تعزيز عمل تلك المحاكم

“الشبابية”؛ بهدف البحث عن سبل جديدة لانتشال الشباب من آفة المخدرات بدل ردعهم

بأحكام عقابية. وأكدت المتحدثة أن الأدلة تشير إلى أن المنهج أكثر فعالية لمساعدة

المدمنين وخفض جرائم الشباب والتركيز على إعادة تأهيلهم وليس معاقبتهم كفعل

انتقامي، وذلك بمثابة فرصة ثانية لهؤلاء المجرمين حتى يصلحوا أخطاءهم وينتشلوا

ضميرهم من الضياع وعدم الشعور بالمسؤولية.

يرتبط هذا البرنامج، حسب المحاضرة، بالأشخاص الذين يرتكبون فعلا إجراميا متعلقا

بالمخدرات لأول مرة، أو الذين يجدون بحيازتهم كمية صغيرة من المخدرات، فبالنسبة

لهؤلاء المخالفين للقانون لأول مرة، يمرون عبر مرحلتين؛ الأولى تتمثل في الامتثال

أمام مجلس المساءلة المجتمعية الذي يتكون من أفراد من محكمة الأحداث، ومختصين

نفسانيين وكذا اجتماعيين ومختصين في مكافحة هذه الآفة، وذلك بهدف دراسة

شخصيتهم وتحليل نيتهم في مدى رغبتهم في العلاج والخروج من تلك الوضعية،

فيجتمع المجلس مع المخالفين ويجري بينهم حديث لطيف بعيد عن عبارات الترهيب،

ثم ينفّذون، كمرحلة ثانية، اتفاق التحويل، والمقصود بذلك، حسب المستشارة،

التوقيع على خيارهم في التحويل إلى تلك السجون “العلاجية” لمتابعة البرنامج

الذي يدوم بين 6 أشهر وسنة، والقابل لتجديد وتمديد فترة العلاج. يسمح هذا الأمر

للمخالف بتجنب الذهاب إلى المحكمة العادية أو السجن مقابل التزامات معيّنة.

وحسن السلوك خلال متابعة البرنامج يحقق مزيدا من الحرية، عكس المخالف للقانون.

وعلى صعيد آخر، أكدت المتحدثة أن أي سلوك سلبي صادر من المشاركين في

البرنامج، سيؤدي إلى تطبيق إجراءات عقابية وقيود لإعادة تأهيلهم، ثم يحالون على

محاكم عقابية عادية. ويتم دراسة ملفاتهم على أساس أنهم مجرمون، مشيرة إلى أن

الفكرة وراء هذا المنهج هو خلق عقوبات مناسبة للجريمة موضوع النقاش؛ على أساس

شدة الجرم وتقييم احتمال قيام الشاب بتكرار الجريمة، لكن قبل ذلك يتم أخذ بعين

الاعتبار خلفيات الجرم، على أن مرتكب ذلك الفعل هو الآخر ضحية في حاجة إلى علاج.

ولقد قدّم هذا البرنامج نفعا، خصوصا أنه جاء للحد من مخاطر الارتداد على الإجرام.

وتُعد محاكم الشباب أو محاكم المخدرات الطريقة المثلى لإبعاد الشاب المخالف من

المجرمين لقضايا أكثر عنفا أو أكثر تعقيدا، حيث أشارت إلى أن “الفرد قادر على أن

يتحول إلى شخص سيئ إذا احتك بمجرمين أكثر خطورة سُجنوا عن قضايا عنيفة،

فهذه المؤسسات جاءت للتعامل مع الجرائم غير العنيفة، الذين يمكن في الظروف

الأخرى أن تنتهي في محكمة الأحداث أو محكمة الراشدين، وهذا لمرافقة الفرد

قبل دخول عالم الإجرام”.

وحسب نموذج الولايات المتحدة الأمريكية، تقول ديليسا، فإن “العمل بمثل هذه

الاستراتيجيات سوف يمنح المخالف فرصة ثانية لإعادة النظر في فعلته؛ فهي

ترمي إلى إعادة تأهيله حتى يشعر بأن له قيمة اجتماعية”. دعت المستشارة

خلال مداخلتها، السلطات الجزائرية إلى ضرورة النظر في هذه الاستراتيجية

وتبنّيها كحل فعال في القضاء على الجرم المتعلق بالمخدرات؛ سواء الاستهلاك

أو الاتجار، لكن على أن تكون لها أسس في عدد من الشروط المسبقة، أهمها

توافر موارد كافية لتدريب العاملين، مع الاستثمار في البنية التحتية التنظيمية

للأحكام البديلة، مثل خدمة المجتمع أو التعليم الخاص، ووجود مرافق مادية

منفصلة كافية لإيواء الأحداث المخالفين للقانون قبل محاكمتهم وبعد الحكم

عليهم، مع ضمان لهم العمل بعد التخرج من تلك المؤسسات، لاسيما أنه يصعب

على ذوي السوابق العدلية إيجاد عمل في السوق.

 نشر في  يومية المساء بتاريخ 23-03-2016

مقال لنور الهدى بوطيبة

عن المحامي