حيث تقدم المدعي (م.ع) أمام أمانة لجنة التعويض عن الحبس المؤقت بالمحكمة العليا بعريضة في 30-08-2016 أوضح من خلالها أنه تمت متابعته بجنايتي حمل مواد متفجرة وارتكاب أفعال إرهابية وتخريبية بغرض المساس بأمن الدولة من أجل بث الرعب في أوساط السكان وخلق جو انعدام الأمن، وقد صدر بتاريخ 23-06-2008 عن محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء غليزان حكما قضى بادانته ومعاقبته بـ 10 سنوات سجنا، وبعد النقض والاحالة تم النطق بنفس الحكم في 23-11-2010 غير أنه بعد النقض مجددا أصدرت محكمة الجنايات حكما بتاريخ 18-10-2015 قضى بالبراءة والذي تقدمت النيابة العامة بالطعن ضده غير أن المحكمة العليا رفضت الطعن بموجب القرار الصادر بتاريخ 22-06-2016 وبالتالي أصبح حكم البراءة نهائيا، وأضاف أنه مكث بالسجن مدة 08 سنوات للفترة الممتدة من 08-01-2008 إلى غاية 18-10-2015 مما تسبب في ضياع عائلته موضحا أنه أب لخمسة أطفال وأنه منذ خروجه من الحبس وهو عاطل والتمس تعويضا ماديا عن الأضرار اللاحقة به وعن المدة التي مكثها في السجن دون وجه حق.
حيث رد المدعى عليه الوكيل القضائي للخزينة بمذكرة في 21-11-2016 جاء فيها بأن المدعي لم يحدد في طلبه مبلغ التعويض ولم يقدم أية وثيقة تثبت أنه كان يمارس نشاطا وعليه فطلبه غير مؤسس وغير مبرر.
حيث أجاب المدعي بمذكرة في 13-03-2017 ذكر فيها أنه كان يعمل ميكانيكي ويتقاضى شهريا مابين 50.000 دج إلى 60.000 دج، إضافة إلى مصاريف المحامي وما كان يكلف العائلة عند زيارتهم له والذي يصل إلى 10.000دج أسبوعيا وأنه أصبح مريضا وعاجز عن العمل كما ترتبت عليه ديون والتمس الحكم له بـ 20.000.000 دج.
حيث أن النيابة العامة لدى المحكمة العليا التمست تعويض الطالب في حدود التشريع الساري به العمل و إرجاع المبالغ المطالب بها إلى الحد المعقول.
وعليه فان المحكمة العليا
من حيث الشكل:
حيث استوفت الدعوى كافة الشروط الشكلية مما يتعين قبولها.
من حيث الموضوع:
عن الطلبات المتعلقة بالتعويض المادي:
حيث لم يقدم المدعي (م.ع) أمام اللجنة ما يثبت به أنه حرم من راتب خلال فترة حبسه أو لحقته خسارة بسبب توقف أي نشاط تجاري أو اقتصادي يدعيه ، كما أنه لم يقدم ما يثبت به أنه مرض أثناء حبسه ، و أما بخصوص أتعاب المحامي فانه لم يقدم أية طلبات محددة ولها علاقة بالحبس المؤقت كما أن مصاريف التنقل والزيارات فان الضرر الناشئ عنها لم يلحق بالطالب مما يجعل مجمل هذه الطلبات غير مؤسسة يتعين رفضها.
عن التعويض المعنوي:
حيث يتبين أن الطالب قد تم حبسه مدة تمتد من 08-01-2008 إلى يوم صدور حكم البراءة في 18-10-2015 واعتبارا لهذه المدة الطويلة للحبس الغير المبرر وما سببه له من معاناة وتقييد لحريته ومساس بسمعته فانه يستحق تعويضا معنويا تقدره اللجنة بمبلغ 4.000.000 دج.
حيث أن بتاريخ 25 جوان 2015 سجل المسمى (ع.ا) بواسطة الأستاذ محوش جمال الدين، دعوى أمام لجنة التعويض طالبا الحكم بمنحه:
1- مبلغ مليونان دينار جزائري (2.000.000 دج) تعويض عن الضرر المادي،
2- مبلغ ثلاثة ملايين دينار جزائري (3.000.000) تعويضا عن الضرر المعنوي وذالك من جراء حبسه مؤقتا في الفترة مابين 25-05-2014 إلى غاية 28-10-2014،
وقد اوضح المدعي (ع.ا) في عريضته:
أنه كان محل متابعة بتهمة خيانة الأمانة وتم ايداعه رهن الحبس المؤقت، وفي 28-10-2014 أصدرت محكمة عين الصفراء حكما قضى ببراءة العارض من الجرم المنسوب اليه،
وعلى إثر الاستئناف المرفوع في هذا الحكم فإن مجلس قضاء سعيدة أصدر في 01-02-2015 قرارا بتاييد الحكم المستأنف،
وأن العارض تضرر كثيرا من الحبس المؤقت من الناحيتين المادية و المعنوية،
وأن هذا الحبس تسبب في فصل العارض من منصب عمله كسائق الشاحنات من الوزن الثقيل كما أنه لم يتمكن من الحصول على عمل،
وأن العارض في تكبد دفع أتعاب المحامين للدفاع عنه وأن عائلته تحملت مصاريف تنقلها إلى المؤسسة العقابية بعين الصفراء لزيارة العارض.
حيث أنه بتاريخ 03 أوت 2015 قدم الأستاذ زواكو محمد في حق الوكيل القضائي للخزينة مذكرة جوابية طلب فيها:
في الشكل: رفض الدعوى.
احتياطيا في الموضوع: رفض الدعوى لعدم التأسيس القانوني.
واحتياطيا جدا: خفض مبلغ التعويض المطالب به عن الضررين المادي و المعنوي إلى الحدود المعقولة.
حيث أن بتاريخ 13 ديسمبر 2015 سلم الأستاذ محوش جمال الدين مذكرة تعقيبية ذكر فيها ان المدعى عليه هو الوكيل القضائي للخزينة، كما انه اكد في هذه المذكرة مزاعم وطلبات المدعي.
حيث أن النيابة العامة لدى المحكمة العليا قدمت التماسات كتابية طلبت فيها منح المدعي تعويضا في حدود التشريع الساري وارجاع المبالغ المطالب بها إلى الحد المعقول.
وعــلــيـه
عن قبول الدعوى:
حيث أن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية وفقا لأحكام المادة 137 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية لذا يتعين قبوله.
في الموضوع:
عن طلب التعويض عن الضرر المادي:
حيث بمراجعة أوراق الملف يتبين أن محكمة عين الصفراء أصدرت في 28-10-2014 حكما قضى ببراءة المدعى من الجرم المنسوب إليه وهو خيانة الأمانة، و أن مجلس قضاء سعيدة أيد هذا الحكم بمقتضى قراره المؤرخ في 01-02-2015،
وأن هذا القرار أصبح نهائيا نظرا لعدم الطعن فيه بالنقض من طرف النيابة العامة، كما يتجلى ذلك من شهادة عدم الطعن المرفقة بالملف،
حيث أن المدعى (ع.ا) كان يعمل – قبل ايداعه رهن الحبس المؤقت- في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ” ت.ك ” كسائق الشاحنات من الوزن الثقيل وكان يتقاضى أجرة شهرية قدرها 26.735.91 دج،
في هذه الحالة، فمن حق المدعى أن يطالب بالأجور التي لم يتسلمها خلال مدة حبسه مؤقتا والتي امتدت من 25-05-2014 إلى غاية 28-10-2014.
عن طلب التعويض عن أتعاب المحامين:
حيث أن المدعى (ع.ا) لم يستظهر بأية وثيقة من شأنها أن تثبت بأنه سدد إلى محام أو إلى عدد من المحامين أتعابا ما للقيام بالدفاع عنه خلال متابعته الجزائية والتي انتهت بصدور قرار من مجلس قضاء سعيدة في: 01-02-2015،
وبالتالي يتعين رفض طلب التعويض عن أتعاب المحامين.
عن طلب التعوبض عن مصاريف زيارات المدعى في المؤسسة العقابية:
حيث أن مصاريف زيارات المحبوس في المؤسسة العقابية لا تشكل ضررا شخصيا لهذا الأخير بل تخص أعضاء العائلة الذين قاموا بالزيارات،
ومن ثم، يتعين رفض طلب التعويض عن مصاريف الزيارات في المؤسسة العقابية.
عن طلب التعويض عن الضرر المعنوي:
حيث أن حبس المدعى خلال المدة الزمنية المبينة أعلاه قيد حريته اتجاه نفسه وعائلته ومحيطه كما أنه مس بشرفه، مما الحق به أضرار معنوية حقيقية تستوجب التعويض عنها،
حيث أن المبلغ المطالب به هو مبالغ فيه وعليه يتعين إرجاعه إلى الحد المعقول.