الوجه الثاني مأخوذ من قصور التسبيب :
بدعوى أن المجلس لم يناقش الوثائق المقدّمة خاصة الوثيقة الصادرة عن الوكالة الوطنية للتموين و توزيع الذهب و المعادن النفيسة التي تبيّن سعر الغرام الواحد للذهب باعتبار أن وزن الذهب المختلس 545 غرام فإن التعويض المقضي به لا يوجد في القرار موضوع الطعن ما يبرّره في حين أن المشرّع منح السلطة التقديرية في تقدير ما فات من كسب و ما لحق من ضرر أما ما تعلّق بأصل الدين فهو متروك لسند الإثبات.
حول الوجهين معا لارتباطهما و تكاملهما :
حيث يتبيّن من دراسة القرار المطعون فيه أن القضاة تبنوا أسباب الحكم الذي قيّم الضرر على أساس ما فات الطاعن من كسب و ما لحقه من خسارة طبقا للمادة 182 ق م و قدّره بمبلغ 600.000 دج و إعتبره مناسب للأضرار بالنظر إلى تاريخ حدوث الوقائع و ظروفه فضلا عن ذلك أنه تبيّن لهم من عقد الرهن أنّ المصوغ تمّ رهنه مقابل مبلغ 120.000 دج بتاريخ 2005/09/20 إلى غاية 19 مارس 2006 و في 2007/01/30 سدّد القرض الأصلي و الفوائد حسب 186.515,87دج.
حيث أن تقدير الضرر هو مسألة موضوعية تخضع لسلطة قضاة الموضوع و لا رقابة عليها من طرف المحكمة العليا.
لذا حيث نستخلص أن القضاة برّروا بأسباب قانونية كافية النتيجة التي توّصلوا إليها بالتطبيق الصحيح للقانون مما يجعل الوجهين غير مؤسسين يتعيّن رفضهما و معهما رفض الطعن.
الوجــــه الثاني المأخوذ من القصور في التسبيب:
مفاده أن القرار المطعون فيه يؤكد في حيثيته الثالثة من الصفحة الأخيرة منه أن طلب الطاعن بالنسبة للتعويض الخاص بالشقة مؤسس باعتبار أنه في حالة استحالة تنفيذ العقد جاز للمحكمة الحكم بالتعويض لكنه مع ذلك يقتصر على إلزام المدعى عليها بتعويض بمبلغ 4.000.000,00 دج فقط في حين أن الطاعن قدّم لقضاة الموضوع خبرة عقارية تقدر بقيمة الشقة المتنازع عليها حسب سعر السوق بمبلغ 26.500.000,00 دج مما يجعل التعويض المحكوم به للطاعن لا يفي بالغرض المطلوب و لا يمكنه أبدا من اقتناء شقة بنفس المواصفات و بنفس الحي.
عن الوجــــه الثاني:
حيث أنه من المعلوم بالضرورة أن التعويض الذي يستحقه الدائن بسبب عدم وفاء المدين بالالتزام أو التأخير في الوفاء به يشمل ما لحق الدائن من خسارة و ما فاته من كسب طبقا لما تنص عليه المادة 182 من القانون المدني.
و حيث أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أن قضاة الاستئناف قد قضوا للطاعن بتعويض قدره 4.000.000,00 دج لوجود استحالة في تنفيذ العقد المبرم بينه و بين التعاونية المطعون ضدها و ذلك بسببها، لكنهم لم يبرروا الحكم بهذا المبلغ و لم يبرزوا في قرارهم المنتقد عناصر تقديرهم للتعويض المحكوم به و تجاهلوا طلب الطاعن الرامي إلى تعويضه تعويضا كاملا يحقق العدل و من اقتناء شقة مماثلة لتلك التي حرمته منها المطعون ضدها و استظهر في هذا الصدد بخبرة تقدر الشقة محل العقد بمبلغ 26.500.000,00 دج لكن قضاة الموضوع لم يردوا على طلبه هذا مما يشوه قرارهم بالقصور في التسبيب و يعرضه للنقض و الإبطال دون حاجة لمناقشة الوجه الأول.
عن الوجه الأول المأخوذ من مخالفة القانون:
الفرع الأول:
بدعوى أنه بالرجوع إلى المواد 18 – 19 – 20 من عقد الصفقة المبرم بين طرفي النزاع أن كفالة حسن التنفيذ تستحق بعد الاستلام النهائي أو بعد الاستلام المؤقت وما دام المدعي في الطعن قدم بملف الموضوع محضر الاستلام المؤقت للأشغال خال من أي تحفظ فإن عدم رد مبلغ الضمان المتبقي في ذمة المدعى عليها في الطعن بعد انجاز المشروع المتفق عليه في العقد سبب للمدعي في الطعن ضررا يستوجب التعويض، وأن القضاة بما ذهبوا إليه عرضوا قضاءهم للنقض والإبطال.
الفرع الثاني:
بدعوى أن القضاة سببوا القرار المطعون فيه على أن جميع التحفظات بشأن العيوب والنقائص المسجلة لم يتم رفعها حتى بعد فوات ميعاد الاستلام النهائي للأشغال غير أن هذا التسبيب لا يتماشى مع بنود عقد الصفقة وخاصة المادة 17 التي تنص على أن كفالة حسن التنفيذ تستحق خمسة بالمائة أثناء التسليم الجزئي وخمسة بالمائة أثناء التسليم النهائي وأن القضاة باعتمادهم على شرط التسليم النهائي للأشغال دون الأخذ ببنود الصفقة يكونون قد خالفوا أحكام المادة 107 من القانون المدني و17 من عقد الصفقة، معرضين بذلك قضاءهم للنقض والإبطال.
عن الفرع الأول والثاني لإرتباطهما:
فعلا حيث يتبين من القرار المطعون فيه أن المستأنف الطاعن الحالي دفع أمام قضاة المجلس بالمواد 18 – 19 – 20 من عقد الصفقة المبرمة بين طرفي النزاع لتأسيس طلبه إلا أن القضاة ذهبوا بالقول أن الأشغال محل العقد رقم 08/2010 المحرر بتاريخ 2010/11/30، وأن المبلغ المتنازع عليه معلق على شرط التسليم النهائي للأشغال الذي يكون بعد مضي 12 شهرا على تاريخ التسليم المؤقت وخلال هذه الفترة ظهرت عدة عيوب ونقائص في الأشغال الذي لم يلتزم المستأنف بإصلاحها، مما يعني أن جميع التحفظات بشأن العيوب والنقائص لم يتم رفعها، حتى بعد ميعاد الإستلام النهائي للأشغال مما يجعل طلبات المستأنف سابقة لأوانها.
حيث إن مثل هذا التسبيب جاء مخالفا لنص المادة 107 من القانون المدني التي نصت على أنه يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية ذلك أن الطاعن قد احتج ببنود عقد الصفقة في مواده 18 – 19 – 20 إلا أن القضاة لم يتعرضوا لها بالمناقشة والتحليل لإبراز ما ورد فيها حتى يتسنى بناء قضاءهم على أساس ما ورد في العقد، وكما فعلوا فإنهم عرضوا قضاءهم للنقض والإبطال ودون التطرق للوجه الثاني والثالث.
الوجه الثالث المأخوذ من قصور التسبيب:
بدعوى أن قضاة المجلس أشابوا قرارهم بقصور التسبيب لما قضوا بخفض مبلغ التعويض المحكوم به لفائدة الطاعن إلى 100.000دج بالرغم من أن الأضرار المادية اللاحقة به أضرارا جد جسيمة لأن دفعه المبلغ لدى حساب المطعون ضده حصل خلال سنة 2010 .
الوجه الرابع المأخوذ من انعدام التسبيب:
بدعوى أن قضاة المجلس قضوا بتأييد الحكم المستأنف مبدئيا مع تعديله بخفض مبلغ التعويض المحكوم به إلى 100.000دج دون الإشارة إلى أي نص قانوني.
عن الوجهين الثالث والرابع معا لارتباطهما:
حيث إن الدفوع المثارة في هذين الوجهين من شأنها المنازعة في مقدار التعويض المحكوم به للطاعن وهي دفوع غير مبيّنة فيما يمكن عيبي انعدام التسبيب وقصور التسبيب.
وحيث فضلا عن ذلك وخلاف ما يدعيه الطاعن تقدير التعويض مسألة موضوعية خاضعة للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع متى أبرزوا العناصر المعتمدة في تقديره، وقضاة المجلس لما برروا تقديرهم التعويض المقرر استحقاقه للطاعن بكونه يتعلق بما لحقه من خسارة وفاته من كسب وبأنه يتعين خفضه بجعله يتناسب وحجم الضرر الناجم عن إخلال المطعون ضده بالتزامه بتمكينه من السكن يكونوا قد بينوا طبيعة الضرر المقرر بشأنه التعويض وعللوا قضائهم بتعديل الحكم المستأنف بخفض مبلغ التعويض المحكوم به بموجبه وعليه الوجهين كسابقيهما غير مؤسسين يتعين رفضهما وبالتالي رفض الطعن.