حيث إنه بموجب كتاب موصى عليه مع الإشعار بالاستلام تم إنذار الطاعن ليتسنى له إيداع مذكرة تتضمن أوجه طعنه بالنقض وهي محررة وموقعة من طرف محام معتمد لدى المحكمة العليا في ظرف شهر واحد من تاريخ الإنذار تطبيقا لنص المادة 505 من قانون الإجراءات الجزائية.
غير أن الطاعن لم يمتثل للإنذار الموجه إليه ولم يقدم أي مذكرة تتضمن أوجه طعنه بواسطة محام مقبول لدى المحكمة العليا.
في هذه الحالة يتعين التصريح بعدم قبول الطعن شكلا وفقا للمادة السالفة الذكر.
في الشكل:
حيث الثابت من مشمولات ملف الطعن بالنقض أن النائب العام لدى مجلس قضاء قالمة قد سجل طعنًا في القرار التمهيدي الصادر بتاريخ: 2013/10/28 والذي قضى غيابيًا للمتهم (ب.م) وحضوريًا للمتهمة شرفي هادية بتأييد الحكم المستأنف فيه ثم قدم طلبًا بالتنازل عن طعنه.
حيث أن النائب العام لدى المحكمة العليا قدم بدوره التماسات كتابية حول التنازل عن الطعن وأشار في تقريره إلى عدم جواز الطاعن وهو النائب العام لدى مجلس قضاء قالمة بالتنازل عن طعنه.
وحيث من المقرر قانونًا وقضاء أنه لا يجوز للنيابة العامة أن تتنازل عن طعنها المسجل باسم الحق العام باعتبار أن الدعوى العمومية ليست ملك للنائب العام ومن ثم لا يجوز له التصرف فيها بل هو مطالب بممارستها باسم الحق العام فقط وذلك وفق القواعد الإجرائية المحددة من قبل المشرع وبذلك فإن تنازل النائب العام عن الطعن بالنقض يكون قد تصرف في الدعوى العمومية بالشكل الذي لا يسمح به القانون مما يجعل هذا التصرف غير جائز قانونًاـ وعليه يستوجب القضاء بعدم قبول طلب التنازل شكلاً لعدم جوازه قانونًا.
حـيث أن الطرف المدني الطّاعن ممثلا بالأستاذ (م.ع) قد قدّم مذكرة تدعيما لطعنه ضمّنها وجهين للطعن بالنقض مأخوذين من قصور الأسباب و مخالفة القانون.
حــيث أنه تبين وثائق الملف و من بياناته القرار المطعون فيه أن النيابة و حدها من استأنفت الأمر القاضي بانتفاء وجه الدعوى.
حــيث أن إجتهاد المحكمة العليا إستقر على أنه لا يجوز للمدعي المدني الذي لم يتبع طرف الطعن العادية أن يلجأ إلى طرق الطعن الغير عادية .
حــيث أن الطرف المدني الطاعن لم يستأنف الأمر الذي أيده القرار المطعون فيه مما يجعل طعنه غير مقبول لعدم جوازه. و دون حاجة لمناقشة الوجهين المثارين في مذكرة الطعن.
عن الوجه الثاني المثار مسبقا و المؤدي وحده للنقض و المأخوذ من القصور في الأسباب:
بدعوى أن القرار المطعون فيه اكتفى في حيثياته بالإشارة إلى قيام أركان الجريمة في حق المتهمين سواء الذين اقتحموا مقر الدرك الوطني وأخذوا المولد الكهربائي أو الذين اقتحموا مقر البلدية وحطموا بعض أجزائه وسرقة بعض عتاده استنادا على محضر المعاينة والصور المرفقة بمحضر الضبطية القضائية.
وأن هذا التسبيب لا يعطي للمجلس أي سبب للقول بإدانة العارض بجرم الحريق غير العمدي وفقا للمادة 405 مكرر من قانون العقوبات كونه أعطى نفس الأسباب لجميع المتهمين وهو ما يعد قصورا في التسبيب.
بالفعل بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أن قضاة المجلس قد سببوه بالقول: ” أنه اتضح للمجلس من خلال ملف القضية والمناقشات التي دارت بالجلسة أن الوقائع المتابع من أجلها المتهمين ثابتة ضدهم وقائمة بأركانها القانونية لقيامهم بأعمال الشغب بوضع عجلات مطاطية مضرمة بالنيران و الأحجار أدى إلى إتلاف مركبتين تابعتين لمؤسسة سونلغاز وإسقاط باب مدخل فرقة الدرك الوطني لبلدية خليل وإتلاف المولد الكهربائي التابع لها وإتلاف أدوات تابعة لمقر البلدية والثابت بمحضر معاينة مدعم بصور فوتوغرافية مرفقة بملف الدعوى”.
وانتهوا إلى تأييد الحكم المستأنف الذي اعتمد ذات التسبيب المبين آنفا وأضاف بأن المتهمين تم التعرف عليهم من قبل مصالح الدرك الوطني كما أن التحقيق أفاد بوجود يد للمتهمين في الوقائع المتابعين من أجلها والتي تشكل الركن المادي للجريمة وأن السلوك المادي والذي نجم عنه إلحاق أضرار مختلفة بالمؤسسات العمومية يفيد القصد الجنائي وسوء نيتهم لأحداث الفعل المنصوص عليه بالمادة 405 مكرر من قانون العقوبات وأنه يتبين من خلال الحيثيات الواردة في القرار المطعون فيه أن قضاة الموضوع لم يتطرقوا إلى الأفعال التي قام بها كل متهم على حدة واعتمدوا حيثيات بصفة الجمع دون أي تفصيل ودون بيان الأفعال التي اقترفها كل متهم وأنه كان على قضاة الموضوع أن يبرزوا الأفعال التي قام بها كل متهم ومن ثم بيان عناصر وأركان الجرم المنسوب إليه ومادام أن قضاة الموضوع لم يفعلوا ذلك فإن ما
توصلوا إليه في قضائهم يبقى مشوب بالقصور في التسبيب.
وبالتالي فإن الوجه الثاني المثار مسبقا مؤسس ويؤدي إلى نقض القرار المطعون فيه دون حاجة إلى مناقشة الوجه الأول.
حيث أن المتهم (ب.ن) قام بالطعن بالنقض في الأجل المقرر قانونا وأنه سدد الرسم القضائي ولا يثبت من أوراق الملف أنه تم تبليغه بالإنذار لإيداع مذكرة الطعن إلا أنه قد تمت إدانته بموجب نفس القرار محل الطعن مع ما تضمنه من خروق قانونية حسب ما هو مذكور أعلاه بخصوص الطاعن الآخر مما يستوجب لحسن سير العدالة أن يتم تمديد أثر النقض لصالحه هو الآخر.
الوجه الوحيد للنقض المأخوذ من مخالفة قاعدة جوهرية في الإجراءات:
بالقول أن المحكمة العسكرية بقسنطينة فصلت في القضية بناءا على نسخة من الملف الوارد إليها من النائب العام لدى مجلس قضاء باتنة رغم الطعن بالنقض في قرار الغرفة الجزائية القاضي بعدم الاختصاص النوعي حسب تعبير القرار و أن المحكمة العليا لازالت لم تفصل في الطعن و كان على المحكمة العسكرية أن ترجئ الفصل إلى حين صدور قرار المحكمة العليا.
حيث أن المطعون ضده أودع مذكرة بواسطة محاميه الأستاذ/ عثامنية لخميسي يزعم فيها أنه لا يوجد أي خرق للإجراءات و أن الطاعن لم يشر إلى النص القانوني الذي ينظمها و أن القواعد الجوهرية في الإجراءات تستخرج من الاجتهادات الفقهية و النظريات الفلسفية و لكن من نصوص القانوني و الاجتهاد القضائي و أن الحكم موضوع الطعن جاء سليما من جميع العيوب القانونية مما يفرض رفض الطعن.
حيث أن الفقرة ” ب ” من المادة 495 لقانون الإجراءات الجزائية تجيز الطعن بالنقض في أحكام المحاكم و قرارات المجالس القضائية الفاصلة في الموضوع في آخر درجة في مواد الجنايات و الجنح أو المقضي فيها بقرار مستقل في الاختصاص أو التي تنهي السير في الدعوى العمومية.
و حيث أن قرار الغرفة الجزائية لمجلس قضاء باتنة الصادر بتاريخ: 11/04/2010 ألغي الحكم المستأنف الصادر عن محكمة مروانة بتاريخ 17/11/2009 القاضي على المطعون ضده بعام حبسا مع وقف التنفيذ و دفع 15000 دج إلى الطرف المدني كتعويض بعد إدانته باستغلال الوظيفة و بعد التصدي قضى المجلس بعدم الاختصاص النوعي بدل الشخصي على أساس أن المتهم عند ارتكابه لجريمته كان يمارس مهامه بمقر فرقة الدرك الوطني.
حيث يتبين من وثائق الملف أن الطرف المدني طعن بالنقض في القرار المشار إليه و لحد اليوم لازالت المحكمة العليا لم تفصل فيه.
حيث أن الطعن بالنقض يوقف تنفيذ القرار الذي قضى بعدم الاختصاص وفقا للمادة 499 من قانون الإجراءات الجزائية و أن إحالة القضية على المحكمة العسكرية قبل أن يحوز القرار قوة الشيء المقضي خطأ إجرائي جسيم ذلك أن المحكمة العسكرية تجاوزت سلطاتها وقضت في القضية قبل الأوان الأمر الذي يعرض الحكم المطعون فيه إلى النقض و الإبطال لعدم اختصاصها مؤقتا على الأقل و قد تبقي المحكمة العليا الاختصاص للقضاء المدني فلا يجوز أية محاكمة أمام أية جهة كانت إلى حين الفصل في الطعن.