الوجه الثاني: مأخوذ من الخطأ في تطبيق القانون.
وملخصه : أن القرار المطعون فيه أيد الأمر المستأنف فيما قضى بألا وجه للمتابعة و سبب ذلك بالقول ما تضمنته الحيثية الأخيرة من الصفحة الثانية من القرار ” حيث من خلال وقائع الملف و تصريحات الأطراف وكذا من خلال الأحكام القضائية و القرارات سيما حكم القسم المدني لمحكمة قالمة المؤرخ في 03/ 03/ 2007 تحت رقم الفهرس 680 / 07 وكذا قرار الغرفة المدنية بالمجلس رقم 1735 /10 المؤرخ في 23/ 11/ 2010 و قرار المحكمة العليا الغرفة التجارية رقم 339/12 المؤرخ في 08/ 03/ 2012 بأن أصل موضوع النزاع بين الطرفين مدني بحث و هو ذو طابع تجاري و تم الفصل فيه نهائيا من قبل الجهة القضائية ذات الصلة و أنه لا يجوز طبقا للمادة 05 من قانون الإجراءات الجزائية للخصم الذي باشر دعواه المدنية المختصة أن يرفعها أمام المحكمة الجزائية بألا وجه للمتابعة في القضية أمر مؤسس طبقا لنصوص المواد 05 ، 163 و 195 من قانون الإجراءات الجزائية مما يجعله جدير بالتأييد “.
و أن المادة 05 من قانون الإجراءات الجزائية لا تنطبق على قضية الحال ذلك أن الطاعن بالنقض لم يباشر دعواه أمام المحكمة المدنية المختصة بل المطعون ضده هو الذي سلك ذلك برفع دعوى أمام القاضي المدني لذلك فإن الإجراء الذي قام به المطعون ضده لا ينطبق على الطاعن لأن المادة 05 واضحة .
وفي قضية الحال فإن الطاعن لم يباشر الدعوى أمام المحكمة المدنية و لذلك فإن رفعه للشكوى أمام النيابة العامة ضد المطعون ضده هو إجراء صحيح و ما ذهبت إليه غرفة الاتهام مخالف للقانون و القرار المطعون فيه جدير بالإلغاء.
عن الوجه الثاني :
حيـــث أن المبدأ الراسخ في فقه المحكمة العليا بالنسبة لتطبيق أحكام المادة 05 من قانون الإجراءات الجزائية قاعدة عدم رجعية الاختيار و أن هذه الأخيرة شرعت لمصلحة المتهم و أنها ليست من النظام العام و يجب إثارتها قبل كل دفاع في الموضوع ، وأنه لا يمكن بأية حال من الأحوال إثارتها تلقائيا لا من النيابة العامة و لا قاضي التحقيق و لا جهة الحكم زيادة على ذلك فإن هذه القاعدة حتى و لو توافرت شروطها فإن الجزاء المترتب عليها لا يؤدي إلى انتفاء وجه الدعوى و إنما إلى رفض إجراء التحقيق .
وعليـــه فإنه بالرجوع لقرار غرفة الاتهام محل الطعن الحالي فقد أثار قضاة غرفة الاتهام هذه المسألة من تلقاء أنفسهم بقولهم ” أنه لا يجوز لنص المادة 05 من قانون الإجراءات الجزائية للخصم الذي باشر دعواه أمام المحكمة المدنية المختصة أن يرفعها أمام المحكمة الجزائية “هذا مع العلم أنها ليست من النظام العام و بذلك يكون قضاة غرفة الاتهام قد أخطئوا في تطبيق القانون مما يترتب عليه حتما نقض القرار المطعون فيه .
المؤسس على أن الراسخ فقها و قضاء في مسألة المتابعة الجزائية في إطار دعاوى التصريحات الكاذبة: “أنه لا يمكن المتابعة أمام الجهات القضائية الجزائية في إطار دعاوى التصريحات الكاذبة إلا إذا كانت الجهات القضائية المدنية قد فصلت نهائيا في النزاع الأصلي و أثبتت أن التصريحات المنسوبة للمتهم كاذبة و أبطلت الرسم المحرر بموجبها لأنه ليس من إختصاص الجهات الجزائية صفة إثبات بطلان عقد من عقود الحالة المدنية في مثل هذه الحالة و دون الإشارة إلى الفصل النهائي في النزاع الأصلي”.
و فعـــــلا فإن القرار المطعون فيه لم يشر إلى حصول الإجراءات الأولية أمام الجهات القضائية المختصة بإبطال عقد الوفاة (موضوع دعوى التزوير و الجرائم المرتبطة) لا من الطرف المتضرر و لا من النيابة العامة قبل المتابعة و بالتالي فدعوى الحال جاءت أصلا سابقة لأوانها و لم يكن لقضاء غرفة الإتهام الفصل في الموضوع على أي نحو لا بالإتهام و الإحالة و لا بانتفاء وجه الدعوى و لا حتى بإرجاء الفصل لأنه لا يبين من أوراق الدعوى أن ثمة دعوى مدنية في المجال.
و حــــــيث أن الأمر يتعلق فعلا بموضوع تزوير محتمل وقوعه في عقد وفاة المرحومة (ب.و) التي توفيت بحسب الشاكين بتاريخ 18/03/2006 بقرية النوادر و أن أولادها يكونوا قد سجلوا وفاتها بتاريخ 09/01/2007 ببلدية الأرباع و ذلك بغرض إستيلائهم على تركة خالتهم (ب.ح).
و بالتالي فإن ثمة مسألة أولية سابقة عن الدعوى العمومية يتعين الفصل فيها أولا من لدن القضاء المدني المختص للقول بصحة عقد الوفاة من عدمه ليتأتّي بعد ذلك للنيابة العامة المتابعة الجزائية بمعنى أنه و في هذه الحالة تنطبق قاعدة (أن المدني يقيد الجزائي).
و حــــــيث أنه ودون ذلك أي دون فصل القضاء المدني في بطلان عقد الوفاة من عدمه لا تتأتى أية متابعة و أن دعوى الإبطال أمام القضاء المدني إنما يقيمها الطرف المتضرر أو النيابة العامة و لذلك فإنه كان على قاضي التحقيق إما رفض إجراء التحقيق أصلا إن كان تحريك الدعوى العمومية من لدن النيابة العامة دون إستيفاء تلك الإجراءات أو رفض الإدعاء المدني لذا كانت قد حركت من لدن الشخص المتضرر بناء على شكوى مصحوبة بإدعاء مدني طبقا للمادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية دون إستيفاء شرط المسألة الأولية.
و حـــــــيث أنه و في دعوى الحال و قد حركت الدعوى العمومية من لدن النيابة دون إتباع إجراءات الفصل في المسألة الأولية على النحو المفصل أعلاه فإنه لم يكن للقاضي الجزائي لا التصرف في الإتهام و الإحالة على محكمة الجنايات و لا بإنتفاء وجه الدعوى و سد الدعوى دون مسوغ قانوني و إنما كان على غرفة الإتهام التصدي بإبطال الإجراءات من أولها و صرف النيابة العامة لإتباع الإجراءات المطلوبة و السعي لحصول الفصل في المسألة الأولية السابقة عن الدعوى.
و حــــــيث أنهم (أي قضاة غرفة الإتهام أو القاضي المحقق) و لم يفعلوا فقد شابوا قرارهم بعيب مخالفة القواعد الجوهرية في الإجراءات الذي يرتب التصريح بإبطال القرار المطعون فيه و تمديد البطلان لكافة إجراءات التحقيق القضائي و إلى الطلب الإفتتاحي مع الأمر بسحبها من ملف القضية و دون الإحالة مع صرف النيابة العامة أو الطرف المتضرر للقيام بإجراءات دعوى إبطال عقد الوفاة أولا قبل إجراء أي متابعة.
عن الوجه الثاني المأخوذ من مخالفة القانون:
بدعوى أن تسبيب قرار غرفة الاتهام بناء على أن الطاعن اختار الطريق المدني دون إثارة المطعون ضده بذات الدفع الذي لا يعتبر من النظام العام وفقا لاجتهادات المحكمة العليا فإن القضاء بخلاف ذلك يشكل تطبيقا سيئا للقانون.
حــــــيث أنه يبين فعلا من أسباب القرار المطعون فيه أن قضاة غرفة الاتهام إنما أثاروا مبدأ “عدم رجعية الاختيار” المتضمن في أحكام المادة 05 من قانون الإجراءات الجزائية تلقائيا وبناء عليه قضوا بألا وجه للمتابعة.
الوجه الوحيد المأخوذ: من مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات
بدعوى أن المتهم كان يحمل صفة ضابط شرطة قضائية كرئيس لبلدية الوادي في تاريخ الوقائع مما يجعل متابعته أمام محكمة دائرة الاختصاص مخالف للقانون.
عن الوجه الوحيد المثار: والمأخوذ من مخالفة قاعدة جوهرية في الإجراءات
حيث أن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يتعلق بالشكل وبصفته كممثل النيابة العامة كان عليه أن يسهر على احترام الإجراءات عند بداية المتابعة الجزائية وليس عند الفصل في الموضوع علاوة على ذلك وطبقا للمادة 503 من قانون الإجراءات الجزائية لا يجوز لأحد بأي حال أن يتمسك ضد الخصم المقامة عليه الدعوى بمخالفة قواعد مقررة لتأمين دفاع ذلك الخصم وطالما أن إجراء الامتياز القضائي مقرر للمتهم لتأمين دفاعه ولا يمس بحقوق الطاعن فيتعين رفض الوجه لعدم سداده.
الوجه المأخوذ من مخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه:
و حيث أنه عن الوجه الأول المتعلق بمخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه طبقا للمادة 7/500 من قانون الإجراءات الجزائية بدعوى أن قضاة غرفة الاتهام أثاروا الدفع بالمادة 05 من قانون الإجراءات الجزائية من تلقاء أنفسهم و أن ذلك غير جائز كما ذهبت إليه المحكمة العليا في قراراتها مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.
و حيث أن المادة 05 من قانون الإجراءات الجزائية لا تجيز لمن باشر دعواه أمام القضاء المدني أن يرفع نفس الدعوى موضوعا و سببا و أطرافا أمام القضاء الجزائي إلا إذا حركت النيابة العامة الدعوى العمومية قبل صدور حكم في الموضوع .
و حيث أن هذه القاعدة إنما شرعت لحماية مصالح خاصة و هي مصالح المدعى عليه و بالتالي فهي ليست من النظام العام و لا يجوز لا لقاضي التحقيق و لا لقضاة غرفة الاتهام إثارتها تلقائيا.
و حيث أن قضاة غرفة الاتهام متى أسسوا قرارهم بتأييد الأمر بألا وجه للمتابعة بناء على أحكام المادة 05 من قانون الإجراءات الجزائية بعد إثارتها بصفة تلقائية فإنهم شابوا قرارهم بعيب مخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه الموجب للنقض و الإبطال و دون حاجة لمناقشة باقي الأوجه .