الوجه الثاني المأخوذ من خرق قاعدة جوهرية في الإجراءات
حيث أن الطاعنة تعيب على القرار المطعون فيه بدعوى أنه سبق للسيدة (د.ن) التي كانت ضمن التشكيلة التي فصلت في النزاع بموجب القرار الصادر بتاريخ 2010/06/20, وعلى إثر الطعن بالنقض في هذا القرار الذي انتهى إلى النقض والإحالة, وأنه وبعد إعادة السير في الدعوى بعد النقض أصبحت ضمن التشكيلة الجديدة التي فصلت في النزاع للمرة الثانية, مما يعد ذلك مخالفة لقاعدة جوهرية في الإجراءات, يترتب عليها نقض القرار المطعون فيه .
عن الوجه الثاني المأخوذ من خرق قاعدة جوهرية في الإجراءات
وحيث أن ما تعيبه الطاعنة على القرار المطعون فيه في محله, ذلك أن القاضي الذي سبق له أن فصل في النزاع يصبح غير صالح للفصل فيه بعد النقض والإحالة من المحكمة العليا, وبالتالي لا تتوافر فيه الصلاحية الخاصة مما يمنعه من المشاركة في الفصل في القضية بعد الإحالة .
وحيث أنه وبالرغم من عدم توفر الصلاحية الخاصة في القاضي, ومع ذلك فصل في النزاع المطروح أمام جهة الإحالة بعد النقض, فيعد ذلك خرقا لقاعدة جوهرية في الإجراءات, يترتب عليه بطلان لعيب موضوعي .
وحيث أن البطلان لعيب موضوعي المنصوص عليه بالمادة 64 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية, جاء على سبيل الحصر, ويقتصر على حالتين وهما : انعدام الأهلية للخصوم, وانعدام الأهلية أو التفويض لمثل الشخص الطبيعي أو المعنوي, وليس من بينهما حالة انعدام توفر الصلاحية الخاصة في القاضي .
وحيث أنه ومن جهة أخرى, فإن المادة 1/358 من نفس القانون, تنص على أن كل مخالفة لقاعدة جوهرية في الإجراءات يعد وجها من أوجه البطلان الذي يبني عليه الطعن بالنقض, وبالتالي لم يلتزم المشرع بالتعداد الوارد في المادة 64, ومن ثم يصبح كل خرق للقواعد الجوهرية في الإجراءات يشكل حالة من حالات البطلان لعيب موضوعي التي لم ينص عليها القانون .
وحيث أنه وبعد مقارنة بين نص المادة 64 الذي جاء فيه أن حالات البطلان من حيث الموضوع جاء على سبيل الحصر , وبين نص المادة 1/358 الذي جاء فيه أن كل مخالفة لقاعدة جوهرية تعد سببا من أسباب البطلان التي يبنى عليها الطعن بالنقض .
وحيث أنه وكما هو واضح من النصين السابقين, إذ يوجد بينهما تناقض فأحدهما يقضي على أن البطلان لعيب موضوعي جاء على سبيل الحصر, في حين أن الآخر يقضي على أن البطلان لعيب موضوعي غير محصور في القانون, فكل خرق لقاعدة جوهرية في الإجراءات يعد سببا من أسباب البطلان التي يبنى عليها الطعن بالنقض .
وحيث أنه وطبقا للقواعد العامة في تفسير القانون التي تقضي بأنه إن وجد تناقض بين نصين فيعمل على التوفيق بينهما ما أمكن, فإذا أصبح من المستحيل ذلك, فيجب إخضاعهما إلى مبدأ التهاطر.
حيث أن كلا منهما يلغي الآخر, واعتبارهما كأنهما لم يكنا أصلا.
وحيث أنه أصبح من المستحيل التوفيق بينهما, فيجب استبعادهما من مجال العمل, وعلى ضوء ذلك يجب أن تخضع المسألة المطروحة إلى حكم القواعد العامة, على اعتبار أن مقتضيات العمل الإجرائي الموضوعية متعددة ولا تنحصر في حالتين.
وبعد استبعاد النصين المتناقضين من مجال العمل بهما, واستنادا إلى أحكام القواعد العامة وتبعا لذلك يجب القول أن القاضي الذي سبق له الفصل في القرار المطعون فيه, لا يجوز له الفصل في النزاع بعد النقض والإحالة لعدم توفر فيه الصلاحية الخاصة مما يعد ذلك خرقا لقاعدة جوهرية في الإجراءات يترتب عليها نقض القرار المطعون فيه .
الوجه الوحيد : مأخوذ من القصور في التسبيب
بدعوى أن تسبيب قضاة الموضوع لما قضوا به من بطلان لإجراءات الدعوى بكونهم أي الطاعنين رفعوا الدعوى الأصلية باسم أشخاص متوفيين قبل رفع هذه الدعوى وهم : (ب.ف)، (ب.ج) و (ب.ا)، غير قانوني ، من جهة لكون إجراءات الدعوى تكون في هذه الحالة باطلة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص المتوفين لا غير، وتبقى سليمة بالنسبة لباقي المدعين ، وهذا بالنظر إلى موضوع النزاع ، إذ لا يمكن إجبار الأطراف المدعية على إدخال الخلف في النزاعات المتعلقة بالتعدي على الملكية العقارية، لكون هذا الإجراء يقتصر فقط على دعاوى القسمة طبقا للمادة 724 ق م ، ومن جهة أخرى لكونهم قاموا بتصحيح الإجراءات بإدخال ورثة الأشخاص المتوفين في الخصام أثناء سير الدعوى ، وقبل صدور القرار المطعون فيه.
عن الوجه الوحيد : المأخوذ من القصور في التسبيب
لكن ، حيث أنه وبالرجوع إلى القرار المطعون فيه ، يتبين أن قضاة الموضوع سببوا ما قضوا به على الخصوص : ” أن الدعوى الأصلية رفعت باسم شخصين متوفيين وهما (ب.ف) و(ب.ج) ، وهذا قبل رفع الدعوى الأصلية ، أي منعدمي الأهلية ، ولكونه لا يمكن الدفع بتصحيح الإجراءات ، لأن الدعوى واحدة غير قابلة للتجزئة رفعت باسم ورثة (ب.ع) الذين كان من بينهم أشخاص متوفين، وقد أساءت المحكمة تطبيق القانون بقضائها برفض هذا الدفع رغم أنه من النظام العام” وهو التسبيب الكافي باعتبار أن تصحيح الإجراءات لا يكون إلا إذا كانت الوفاة قد حدثت أثناء سير الدعوى وليس قبل رفعها أصلا، مما يجعل الوجه المثار غير مؤسس ويتعين رفضه ، ومعه رفض الطعن.