طرق الطعن العادية والغير العادية في المجال الجزائي
في محاضرات و بحوث
بحث حول
طرق الطعن العادية والغير العادية في المجال الجزائي
خــطـــــــة البـــــحـث
المـقـدمـة:
المبحث الأول: طرق الطعن العادية.
المطلب الأول: المعارضة.
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابي.
الفرع الثاني: ميعاد و إجراءات رفع المعارضة.
الفرع الثالث: آثار المعارضة.
المطلب الثاني: الاستئناف.
الفرع الأول: حق و ميعاد وإجراءات رفع الاستئناف
الفرع الثاني: اثر الاستئناف
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف
المبحث الثاني: طرق الطعن الغير العادية.
المطلب الأول: الطعن بالنقض
الفرع الأول: حق وشروط وإجراءات وميعاد رفع الطعن بالنقض
الفرع الثاني: أوجه طرق الطعن بالنقض
الفرع الثالث: اثر الطعن بالنقض
الفرع الرابع: الطعن بالنقض لصالح القانون.
المطلب الثاني: التماس إعادة النظر.
الفرع الأول: شروط طلب التماس إعادة النظر.
الفرع الثاني: الحق في طلب التماس إعادة النظر.
الفرع الثالث: الحكم وإجراءات رفع التماس إعادة النظر.
الخــاتـمـة.
مـقـدمـة:
رسم المشرع لخصوم الدعوى العمومية طرقا للطعن في الأحكام الصادرة في غير صالحهم لرفع الضرر الذي أصابهم من هذه الأحكام و تعتبر طرق الطعن ضمانة لتفادي الأخطاء القضائية و تصنف طرق الطعن إلى:
طرق الطعن العادية التي تهدف إلى إعادة النظر في القضية من جديد و هي طرق مفتوحة للمتقاضين و تتمثل في المعارضة و الاستئناف.
طرق الطعن الغير العادية هدفها إعادة النظر في قانونية القرار الصادر من المجلس القضائي و هما التماس إعادة النظر والطعن بالنقض.
و سنقسم بحثنا الى مبحين نتطرق في المبحث الأول طرق الطعن العادية و هما المعارضة والاستئناف و المبحث الثاني طرق الطعن الغير العادية و هما الطعن بالنقض و التماس اعادة النظر.
المبحث الأول: طرق الطعن العادية
المطلب الأول: المعارضة:
تعتبر المعارضة طريقا من طرق الطعن العادية التي تهدف إلى منع الحكم من حيازة حجية الشيء المقضي فيه و ذلك في حالة صدور الحكم في غياب المتهم.
إن المتهم الذي لم يحضر إجراءات المحاكمة لم يتمكن من تقديم دفاعه و بالتالي لم تستمع المحكمة إلى حججه و يمكن أن يكون سبب تخلفه خارجا عن إرادته و من ثم فان الحكم لا يخضع إلى مبدأ حضورية الإجراءات و مادام التخلف عن الحضور خارجا عن إرادة المتهم فان القانون يرخص له مواجهة هذا الحكم بالمعارضة.
مجال المعارضة:
إن مجال المعارضة هو الجنح والمخالفات أما في مجال الجنايات فان المعارضة يحل محلها إعلان إجراءات التخلف عن الحضور ويحق للمتهم المعارضة في الحكم الصادر ويجوز أن تنحصر هذه المعارضة فيما قضى به الحكم من الحقوق المدنية (1)
أما المعارضة الصادرة من المدعي المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية فلا أثر لها إلا على ما يتعلق بالحقوق المدنية(2)
(1) المادة 409 من قانون الإجراءات الجزائية
(2) المادة 413 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية.
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابيا:
تقتضي المعارضة ألا يكون المتهم قد امتنع عن الحضور بإرادته و يعتبر الحكم غيابيا في حالتين:
· إذا تم تبليغ المتهم و لكن لا يوجد دليل يفيد بتلقيه التبليغ.
· إذا تلقى المتهم التبليغ و قدم عذرا مقبولا لعدم الحضور.
تنص المادة 407 من قانون الإجراءات الجزائية على : كل شخص كلف بالحضور تكليفا صحيحا و تخلف عن الحضور يحكم عليه غيابيا.
الفرع الثاني: ميعاد و إجراءات رفع المعارضة:
تقبل المعارضة في مهلة 10 أيام من تاريخ التبليغ الحكم للمتهم.
و تمدد هذه المدة إلى شهرين إذا كان الطرف المتخلف يقيم خارج التراب الوطني(1)
إذا لم يحصل التبليغ لشخص المتهم تعين تقديم المعارضة في المواعيد السابق ذكرها آنفا و التي يسري اعتبارا من تاريخ تبليغ الحكم بالموطن أو مقر المجلس الشعبي البلدي أو النيابة (2).
إجراءات رفع المعارضة:
يطعن بالمعارضة بتقرير كتابي أو شفوي لكتابة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت الحكم الغيابي في مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الحكم كما تبلغ هذه المعارضة بكل وسيلة إلى النيابة العامة التي يعهد إليها بإشعار المدعي المدني بها و ذلك برسالة مضمنة الوصول و في حالة ما إذا كانت المعارضة قاصرة على ما قضى به
(1) المادة 411 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية (2) المادة 412 من قانون الإجراءات الجزائية
الحكم من الحقوق المدنية فيتعين على المتهم أن يقوم بتبليغ المدعي المدني مباشرة
بها(1) .هذا طبقا لنص المادة 410 و 411 من قانون الإجراءات الجزائية .
الفرع الثالث : أثار المعارضة:
للمعارضة أثرين هما:
الأثر الموقف:
و مفاده أن المعارضة توقف تنفيذ الحكم لحين الفصل فيها.إلا في حالة وحيدة ذكرتها المادةٍٍِِ 357فقرة 02 و 03 بقولها: و تحكم عند الاقتضاء في الدعوى المدنية و لها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما أن لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة أو الاستئناف.
الأثر الملغي:
و مفاده أن المعارضة تلغي ما قضي به الحكم الغيابي(2) حيث أن الجهة التي أصدرت الحكم الغيابي تفصل من جديد في القضية فإذا حضر المتهم إلى الجلسة المحددة فان محاكمته تعتبر حضورية وتسترجع المحكمة حريتها نتيجة إلغاء الحكم السابق بالمعارضة و يمكن لها إلغاء ما قضت به سابقا أو تخفيفه أو تشديده أما إذا لم يحضر المتهم بالجلسة المعلنة فان معارضته تعتبر كأن لم تكن(3).
(1) المادة 410 و 411 من قانون الإجراءات الجزائية
(2) المادة 413 من قانون الإجراءات الجزائية
(3) المادة 413 فقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثاني: في الاستئناف:
يختلف الاستئناف عن المعارضة من حيث أن الجهة المختصة بنظر القضية هي جهة عليا ويعتبر الاستئناف طريقا من طرق الطعن العادية لاصلاح الحكم عن طريق فحص جديد لموضوع القضية بواسطة جهة قضائية عليا تطبيقا لمبدأ تعدد درجات التقاضي كما أنه وسيلة لمنع الحكم من حياز حجية الشيء المقضي فيه.
في تشكيل الجهة القضائية الاستئنافية:
يفصل المجلس القضائي في الاستئناف في مواد الجنح و المخالفات مشكلا من ثلاثة على الأقل من رجال القضاء.
ويقوم النائب العام أو أحد مساعديه بمباشرة مهام النيابة العامة وأعمال قلم الكتاب يؤديها كاتب الجلسة.و إذا كان المستأنف محبوسا تنعقد الجلسة وجوبا خلال شهرين من تاريخ الاستئناف (1).
مجال الاستئناف:
تكون قابلة للاستئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح و المخالفات إذا قضى بعقوبة الحبس التي تزيد عن 100 دج طبقا لنص المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على أنه تكون قابلة للاستئناف :
الأحكام الصادرة في مواد الجنح, الأحكام الصادرة في مواد المخالفات إذا قضت بعقوبة الحبس أو عقوبة غرامة تتجاوز 100 دينار أو إذا كانت العقوبة المستحقة تتجاوز الحبس خمسة أيام.
(1) المادة 429 من قانون الإجراءات الجزائية.
كذلك كما نصت المادة 173 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: يجوز للمدعي المدني أو لوكيله أن يطعن بطريق الاستئناف في:
الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق و الأوامر الصادرة بعدم إجراء التحقيق أو بالا وجه للمتابعة أو الأوامر التي تمس حقوق المدعي المدنية غير أن الاستئناف هنا لا يمكن أن ينصب في أي حال من الأحوال على أمر أو على شق من أمر متعلق بحبس المتهم احتياطيا.كما يجوز له أن يستأنف الأمر الذي بموجبه حكم القاضي في أمر اختصاصه بنظر الدعوى سواء من تلقاء نفسه أو بناء على دفع الخصوم بعدم الاختصاص.
الفرع الأول: حق وميعاد وإجراءات رفع الاستئناف:
حق الاستئناف:
يتعلق بالمتهم المسؤول المدني وكيل الجمهورية النائب العام الإدارة العامة
والمدعى المدني طبقا لنص المادة 417 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على: يتعلق حق الاستئناف : بالمتهم , و المسؤول عن الحقوق المدنية ,
ووكيل الجمهورية , و النائب العام , و الإدارات العامة في الأحوال التي تباشر فيها الدعوى العمومية , و المدعي المدني , و في حالة الحكم بالتعويض المدني يتعلق حق الاستئناف بالمتهم و بالمسؤول عن الحقوق المدنية.
و يتعلق هذا الحق بالمدعي المدني فيما يتصل بحقوقه المدنية فقط.
ميعاد الاستئناف:
يرفع الاستئناف في مهلة 10 أيام من تاريخ النطق بالحكم الحضوري طبقا لنص المادة 418 فقرة 01 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على : يرفع الاستئناف في مهلة عشرة أيام اعتبارا من يوم النطق بالحكم الحضوري.
غير أن مهلة الاستئناف لا تسري إلا اعتبارا من التبليغ للشخص أو للموطن
و إلا فلمقر المجلس الشعبي البلدي أو للنيابة العامة بالحكم إذا كان قد صدر غيابيا أو بتكرر الغياب حضوريا في الأحوال المنصوص عليها في المواد 345 و 347 فقرة 01 و 03 و المادة 350 وهذا طبقا لنص المادة 418 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية.
و في حالة استئناف أحد الخصوم في المواعيد المقررة يكون للخصوم الآخرين مهلة 05 أيام إضافية لرفع الاستئناف (1).
هذا بالنسبة للخصوم أما فيما يخص السيد وكيل الجمهورية أو النائب العام فيكون ميعاد الاستئناف في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم (2)
تنص المادة 426 أنه إذا فصلت المحكمة في طلب إفراج مؤقت وفقا للمواد 128 129 130 تعين رفع الاستئناف في مهلة 24 ساعة. و يظل المتهم محبوسا ريثما يفصل في استئناف وكيل الجمهورية وذلك في جميع الأحوال حتى تستنفذ مهلة ذلك الاستئناف.
يرفع الاستئناف في أوامر قاضي التحقيق في ظرف 03 أيام من تبليغ الأمر إلى المتهم و يتم ذلك أمام غرفة الاتهام (3).
(1) المادة 418 فقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية.
(2) المادة 419 من قانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة 172 فقرة02 من قانون الإجراءات الجزائية.
إجراءات رفع الاستئناف:
يرفع الاستئناف بتقرير كتابي أو شفوي بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه بالاستئناف و يعرض على المجلس القضائي(1).
يرفع وجوبا تقرير الاستئناف و يجب أن يوقع عليه من قبل كاتب الضبط و من المستأنف نفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع و في الحالة الأخيرة يرفق التفويض بالمحرر الذي دونه الكاتب و إذا كان المستأنف لا يستطيع التوقيع ذكر الكاتب ذلك(2) .
إذا كان المتهم محبوسا جاز له كذلك أن يعمل تقرير استئنافه في المواعيد المنصوص عليها في المادة 418 لدى كاتب دار السجن حيث يتلقى و يقيد في الحال في سجل خاص و يسلم إليه إيصال عنه و يتعين على المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية أن يرسل نسخة من هذا التقرير خلال أربع وعشرين ساعة إلى قلم كتاب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه و إلا عوقب إداريا(3) .
و يجوز رفع الاستئناف بعريضة تودع بكتابة الضبط المحكمة في المواعيد المنصوص عليها لتقرير الاستئناف و يوقع عليها المستأنف أو محاميه أو وكيل خاص مفوض بالتوقيع و ترسل العريضة و كذلك أوراق الدعوى لمعرفة وكيل الجمهورية إلى المجلس القضائي في أجل أقصاه شهر.
(1) طبقا لنص المادة 420 من قانون الإجراءات الجزائية.
(2) المادة 421 من قانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة 422 من قانون الإجراءات الجزائية.
و إذا كان المتهم مقبوضا عليه يحال في أقصر مهلة و بأمر من وكيل الجمهورية إلى مؤسسة إعادة التربية بمقر المجلس القضائي(1).
في إجراءات الاستئناف أمام المجلس القضائي:
نظمتها المواد 430 431 432 433 من قانون الإجراءات الجزائية:
يفصل في الاستئناف في جلسة بناء على تقرير شفوي من أحد المستشارين
و يستجوب المتهم و لا تسمع شهادة الشهود إلا إذا أمر المجلس بسماعهم.
و تسمع أقوال أطراف الدعوى حسب الترتيب الأتي: المستأنفون فالمستأنف عليهم و إذا ما تعدد المستأنفون و المستأنف عليهم فللرئيس تحديد دور كل منهم من إبداء أقواله. و للمتهم دائما الكلمة الأخيرة(2)..
إذا رأى المجلس أن الاستئناف قد تأخر رفعه أو كان غير صحيح شكلا قرر عدم قبوله و إذا ما رأى أن الاستئناف رغم كونه مقبولا شكلا ليس قائما على أساس قانوني قضي بتأييد الحكم المطعون فيه(3).
أما إذا كان الحكم باطلا بسبب مخالفة أو إغفال لا يمكن تداركه للأوضاع المقررة قانونا و المترتب على مخالفتها أو إغفالها البطلان فان المجلس يتصدى و يحكم في الموضوع(4).
يجوز للمجلس بناء على استئناف النيابة أن يقضي بتأييد الحكم أو إلغائه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه.ليس للمجلس إذا كان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده أو من المسؤول عن الحقوق المدنية أن يسيء حالة المستأنف.و لا
(1) المادة 423 من قانون الإجراءات الجزائية (2) المادة 431 من قانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة 432 من قانون الإجراءات الجزائية (4) المادة 438 من قانون الإجراءات الجزائية.
يجوز له إذا كان الاستئناف مرفوعا من المدعي المدني وحده أن يعدل الحكم على وجه يسيء إليه.و لا يجوز للمدعي المدني في دعوى الاستئناف أن يقدم طلبا جديدا و لكن له أن يطلب زيادة التعويضات المدنية بالنسبة للضرر الذي لحق به منذ صدور حكم محكمة الدرجة الأولى (1).
الفرع الثاني: أثر الاستئناف:
يترتب على الاستئناف أثران:
الأثر الموقف و الأثر الغير الموقف:
للاستئناف أثر موقف للتنفيذ إلا في الحالات المنصوص عليها في المواد 357فقرة 02 و 03 بقولها: و تحكم عند الاقتضاء في الدعوى المدنية و لها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما أن لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة أو الاستئناف و في المواد 365بقولها: يخلى سبيل المتهم المحبوس احتياطيا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة و ذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر.و كذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس احتياطيا إذا حكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد أن تستنفذ مدة حبسه الاحتياطي مدة العقوبة المقضي بها عليه. و المادة 419 بقولها: يقدم النائب العام استئنافه في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم و هذه المهلة لا تحول دون تنفيذ الحكم و المادة 427 بقولها: لا يقبل استئناف الأحكام التحضيرية أو
(1) المادة 433 من قانون الإجراءات الجزائية.
التمهيدية أو التي فصلت في مسائل عارضة أو دفوع إلا بعد الحكم الصادر في الموضوع و في الوقت نفسه مع استئناف ذلك الحكم.
ليس للاستئناف المرفوع من طرف المتهم ضد الأوامر المتعلقة بالحبس المؤقت أو الرقابة القضائية أثر موقف (1).
الأثر الناقل:
يترتب على الاستئناف أثر ناقل و معنى ذلك أن الاستئناف يحيل القضية إلى جهة عليا تعيد من جديد الإجراءات وتقيم العناصر القانونية والموضوعية للقضية ولا يترتب هذا الأثر الناقل إلا في حالة اتصال الجهة العليا بالاستئناف مع الملاحظة أن الاستئناف لا يلغي الحكم و إنما يحيله إلى جهة عليا في الحدود.
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف:
هناك حدود معينة تترتب على نقل القضية إلى جهة الاستئناف التي يجب عليها مراعاتها:
لا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لوقائع غير تلك التي أحيلت إلى القاضي الأول حيث توسع جهة الاستئناف في مجال الوقائع الأخرى يترتب عليه حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي و هذا ما يسمى بعدم جواز إثارة طلبات جديدة في الاستئناف.
تتقيد جهة الاستئناف بموضوع الاستئناف بحيث يحق للمستأنف رفع الاستئناف لجزء من الحكم فمثلا إذا رفع المحكوم عليه بالحبس و الغرامة استئنافه حول الحبس فلا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لموضوع الغرامة.
(1) المادة 172 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجزائية.
لا يحق لجهة الاستئناف الإساءة إلي مركز المستأنف وذلك بإصلاح الحكم بكيفية مخالفة لمصالحه سواء كان المستأنف هو المتهم أو المدعي المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية وعليه فإذا كان المتهم هو المستأنف ولم تستأنف النيابة العامة فلا يجوز لجهة الاستئناف الإساءة إلى مركزه بتقرير عقوبة أشد أو تغيير وصف الجريمة إلى وصف أشد كما أنه لا يجوز لها إساءة مركز الطرف المدني أو المسؤول المدني في حالة استئنافهما.
أما في حالة ما إذا قامت النيابة العامة بالاستئناف فيجوز للمجلس أن يقضي إما بتأييد الحكم أو إلغائه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه(1).
وهناك حالة فريدة تقع غالبا يجب الإشارة إليها وتتمثل في كون الطرف المدني هو المستأنف الوحيد لحكم قضى ببراءة المتهم إن مثل هذا الاستئناف ينصب فقط على الدعوى المدنية ومادامت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الجزائي فان الدعوى العمومية تكون قد انقضت فكيف تفصل جهة الاستئناف في هذا الاستئناف؟
في هذه الحالة تقوم جهة الاستئناف بالتحقق من وجود عناصر الجريمة تأسيسا على أن الدعوى المدنية لا تكون مقبولة إلا إذا كانت ناشئة عن الجريمة فإذا ما تبين لجهة الاستئناف ارتباط بين الضرر المطلوب جبره و الجريمة فانه لا يجوز لها معاقبة المتهم و إنما يحق لها فقط منح التعويضات للطرف المدني وهذا المبدأ استقر عليه الفقه.
(1) المادة 433 من قانون الإجراءات الجزائية.
2018-04-07