حقوق الإنسان وانتهاكاتها بذريعة مقاومة الإرهاب
في حقوق الانسان, مساهمة بتوقيع
مشاركة بتوقيع النقيب الوطني السابق الاستاذ محمد مهري
لا تكفي الدساتير وما يدبج فيها من مبادئ سامية وشاملة لأجيال حقوق
الإنسان ومستوعبة لكل ما جاء في الإعلانات والاتفاقيات والعهود والمواثيق
واعتماد المعايير الدولية لها.
ومهما بلغت التشريعات من السمو والحرص على إحاطة حقوق الإنسان بالرعاية وجعلها
ضامنة لحقه في التحرر من السيطرة والاستبداد.
فإن الهوة قد تتسع بين المبدأ والتطبيق وبين النصوص والواقع المعاش عند ذلك يقع الإنسان
بين المطرقة والسندان وإهدار حقوقه المدنية والسياسية وصولا إلى إهدار حقه في الحياة
وبالخصوص لدى اللجوء إلى إعلان الحالة الاستثنائية والاستناد عليها وتتخذ كذريعة للتعسف
وتجاوز النصوص المدبجة
في الدستور وغيره من القوانين التي تعتبر إجراءاتها ونصوصها ضامنة لحريات الإنسان المنصوص
عليها في القوانين التشريعية العادية ولاسيما ما يتضمن منها حماية حقوق الإنسان وتعزيزها
ورغم انضمام الدول العربية إلى الاتفاقيات الدولية وفي بلادنا تجاوزت خمسة وأربعين اتفاقية
موقعة من طرفها متعلقة بحقوق الإنسان وأكثر من ذلك سنت قوانين رادعة لاسيما فيما
يتعلق بممارسة التعذيب واستعمال العنف مع النساء ورغم وجود الردع القانوني فلم يكن
حائلا ومانعا لمخالفة تلك القوانين والدستور الذي يعتبر أسمى وأصدق
تعبير عن الرعاية لحقوق الإنسان بل وحتى ما جاء في الإسلام من قيم ومبادئه الإنسانية
والتي وطدت صلتنا بحقوق الإنسان عندما ربطها الإسلام بالإيمان والعقيدة وهي الآن غائبة
وليس لها وجود في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لأن النظم الحاكمة لم تلزم نفسها بها وأدى
استبدادها ومظالمها إلى الانحطاط والفوضى وأصبحت تتبادل مع شعوبها تهم الإجرام والإرهاب
لتبرير مجازرها واستهتارها بحياة مواطنيها بل وصل الأمر ببعض الحكام المدفوعين بجنون
السلطة والتسلط إلى الاستعانة بالمتعطشين إلى الدماء كما هو الحال في سوريا فقد التجأ
حاكمها إلى هدم المدن على رؤوس السكان الآمنين تارة بالبراميل المتفجرة وأخرى بالغازات
السامة والقتال بالحصار والتجويع المميت وقد وصل بهم الأمر إلى الاستعداء على الشعب
السوري باستباحة حياته للغير من شداد الأفاق تحت تسميات متنوعة
و من مختلف أقطار آسيا إلى من يدمره بالقنابل ويجرب فيه أسلحته ويظهر عظمته لخصومه
الأوروبيين ومخيفهم بأنواع الأسلحة التي يمتلكها والتي يستعملها لتدمير المدن وإبادة الشعب
السوري لآنه رفض التسلط ورفض الاستبداد ومن جهة أخرى يستعمل سلاحه ليبرهن وأنه
دولة البطش ودولة الظلم والغطرسة والتباهي بذلك عندما يطلق صواريخه من بحر قزوين
ليرهب بها العالم لآنه في سوريا ليس في حاجة إلى ذلك وكان فقط وسيلة لإظهار عضلاته
وتخويف أعدائه الحقيقيين والتقليديين فأصبحت حقوق الإنسان بالنسبة لهؤلاء
القتلة متشدقون بها فقط وربما تنص عليها دساتيرهم وقوانينهم ليظن الناس وأنهم دول
أعضاء دائمين في مجلس الأمن وقد صادقوا ووقعوا على كل الإعلانات والعهود والاتفاقيات
والمواثيق إلا أن توقيعاتهم ليست سوى حبرا على ورق فهم جبابرة وطغاة فهم يقتلون من
أجل الحصول على قاعدة عسكرية في طرطوس والحصول على مطار حميمين في اللاذقية
ومستعدين أن يلعبوا دور المرتزقة المأجورين لحصولهم على ذلك وإلقاء قنابلهم وإبادة شعب
بأكمله، من يصدق وان هؤلاء المجرمين أعضاء دائمين في مجلس الأمن الذي يقتضي العضوية
فيه أن لا يلعب أعضاءه دور المرتزق لأن مهمة السلام وامن الشعوب أمانة في أعناقهم
أو هكذا يفترض الناس فيهم بأن يؤدوا واجبهم اتجاه المجموعة البشرية وان يلتزموا واجبهم
المقدس وهو إحقاق الأمن والسلام في العام اجمع ولا يتم لهم ذلك إلا إذا سادت حقوق
الإنسان وفقا لمعاييرها الدولية وإلا إذا وضع حد لانتهاكها ووضعت موضع التطبيق الذي يعبر
عن الإرادة التي تسعى إلى حماية الحق لاسيما الحق في الحياة المهدورة في سوريا
بالقنابل الروسية والبرميل المتفجرة والغازات السامة والتجويع المميت بينما حق الحياة
يستند على ما جاء في المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعلن
بتاريخ 10/12/1948 والذي وقعته هذه الدول التي تنتهك حق الحياة في سوريا
باستهتارها ودمويتها فأصبحت تمارس الإرهاب وترتكب جرائم ضد الإنسانية بتواطؤ دولي
جبان بينما واجبات الدول عدم اللجوء إلى مجرد التهديد أو استخدام القوه بأي صورة لانتهاك
الحقوق المعترف بها دوليا وتجريد الشعوب من هويتها الوطنية وتراثها الثقافي
وتجريد الشعوب من حقها في تقرير المصير والحصول على الحرية والاستقلال وغياب هذه
الواجبات يدل على غياب الأخلاق والقيم الإنسانية والتقهقر الثقافي واستخدام مجلس
الأمن لحماية مصالح أعضائه الخاصة واستغلال القانون الدولي لنفس المصالح والاختفاء
وراء حقوق الإنسان ومقاومة الإرهاب والهدف تدمير الشعوب وإبادتها كما هو جار في
سوريا والعراق وفلسطين.
وعليه فقد توجب على الإنسانية أينما كانت أن تعمل على إعادة بناء الأمم المتحدة ومجلس
الأمن بناءا جديدا يتساوى فيهما جميع الأعضاء لوضع نهاية لذلك التسلط والهيمنة وكشف
المؤامرات التي تختفي وراء تهم الإرهاب لتعربد ما وسعها غرورها بحياة الشعوب وإبادتها.
الاستاذ محمد مهري
2017-04-07