الرئيسية / اهم ما جاء في الجرائد / أبناء يتهمون آباءهم بالجنون للاستيلاء على أملاكهم!

أبناء يتهمون آباءهم بالجنون للاستيلاء على أملاكهم!

أبناء يتهمون آباءهم بالجنون للاستيلاء على أملاكهم!

تستدعي الضرورة وتتطلب أحيانا قيام بعض الأولياء بالحجر على أبنائهم ممن يعانون من أمراض عقلية ليتمكنوا

من مباشرة أمورهم القانونية والإدارية وتمكينهم من الحصول على منحتهم، وهو أمر عادي وروتيني يتقبله

المجتمع بصدر رحب، لكن استعمال هذا الإجراء القانوني بطرق تعسفية واستغلاله لتجريد أحد الوالدين من

ممتلكاته بطريقة بشعة باتهام الوالد بالجنون وهو سليم هو ما يستهجنه الجميع ويرفضونه. هو نوع من القضايا

بدأ يستشري في مجتمعنا وباتت تعالجه محاكمنا.

أوضح المحامي حسان براهيمي، بأن الحجر في القانون الجزائري يكون على الأشخاص المصابين بالجنون

والعته والسفه، يكون بناء على طلب أحد الأقارب أو كل من له مصلحة أو وكيل الجمهورية، فيتم تعيين ولي

له أو نائب قانوني للقيام بشؤونه القانونية والإدارية جميعها حتى الشخصية والقضاء على حد قول

المحامي، لا يحكم مباشرة بطريقة تلقائية في هذه القضايا بل يعيّن خبيرا مختصا في الأمراض العقلية

لإثبات الحالة.

وذكر المتحدث بأن قضايا الحجر كانت تطول في السابق ويستغرق الفصل فيها مابين السنة إلى

السنتين أما حاليا فتتراوح المدة مابين 14 إلى 21 يوما على أقصى تقدير، فالمحاكم توليها الأولوية

القصوى وأحيانا تستدعي بعض القضايا تعيين لجنة خبراء من مختلف أنحاء الوطن لتحديد الحالة

العقلية، معترفا بكثرة هذه القضايا في جلسات شؤون الأسرة على مستوى جميع محاكم الوطن

والمجالس القضائية، حيث تعالج كل محكمة قرابة 10 قضايا حجر في الجلسة. وأردف الأستاذ

براهيمي أن غالبية المحجور عليهم من المسنين الذين يعانون من أمراض الشيخوخة وضحايا

العشرية السوداء الذين أصيبوا بأمراض نفسية كـ “الشيزوفرينيا” أو الفصام .

صابة تستغل مرض شاب لتجريده من سكنه

يكون المحجور في بعض الأحيان محط أطماع المحيطين بهم، يحكي لنا المحامي قضية شاب يبلغ

من العمر 40 سنة، مصاب بالفصام بعدما تأثر بانفجار قنبلة، أرادت عصابة استغلاله بطريقة بشعة

فأخذوه إلى الموثق ليوقّع لهم على عقد بيع المنزل دون تسليمه المال، وهو ما دفع والدته لخوض

سلسلة من القضايا لإبطال العقد لترفع دعوى حجر على ابنها وبعد تعيين لجنة من الخبراء العقليين

أثبتوا إصابته بمرض عقلي ليتم إلغاء عقد البيع بعد معركة قانونية استمرت 6 سنوات .

وكذلك هو الأمر بالنسبة لشيخ في الثمانينيات من العمر، متزوج مرتين فلما تقدّم به العمر حاولت

زوجته الثانية انتهاز الفرصة خاصة وهو يملك أموالا وعقارات، فرفعت دعوى حجر عليه حتى تصبح

الولية الشرعية ويكون بوسعها التصرف بممتلكاته وحرمان أولاده من الزوجة الأولى من حقهم في

الميراث، وتواصلت الدعوى نحو 6 أشهر، وقبل صدور الحكم سمع أبناء الزوجة الأولى النبأ فغضبوا

وتدخلوا في الخصومة ليوقفوا تعيين الزوجة الثانية ويطالبوا بتعيين شخص من مجلس العائلة

باستثناء الزوجة الثانية وهو ما تمّ لهم.

أب يصاب بنوبة قلبية بعد حجر أبنائه عليه

من جهته، أكد المحامي والأستاذ بكلية الحقوق إبراهيم بهلولي، عدم اقتصار الحجر على كبار السن

المصابين بأمراض العصر كالخرف أو الزهايمر والنسيان وفقدان الذاكرة، بل تكون أيضا على الصغار

المصابين بأمراض عقلية واليتامى من لم يبلغوا سن الرشد بعد لإدارة أموالهم ومنقولاتهم. وأضاف

الأستاذ محاولة بعض الورثة أحيانا استغلال والدهم أو والدتهم بالحجر للاستئثار بأموالهم حتى وإن

كانوا سليمين عقليا.

وسرد لنا المحامي قضية ابن حاول الحصول على ممتلكات والده فرفع دعوى حجر عليه دون إخبار

أشقائه فلما بلغهم الأمر دخلوا في خصومة وشجار، واستطرد المختص قائلا هناك عديد قضايا الحجر

أخذت منعرجات أخرى وتطوّرت لتصل للفرع الجزائي. قصة أخرى اعتبرها المحامي مأساة لشيخ كاد

يفقد حياته لما علم بفعلة أبنائه فالمحجور عليه في قضية الحال، شيخ مسن تقدّم في العمر ولكنه

لم يفقد الأهلية العقلية، وكان أحد أبنائه يرغب في السيطرة على أمواله بشتى الطرق فرفع دعوى

حجر فلما سمع بالأمر أصيب بأزمة قلبية لما علم بحجر أبنائه عليه وكأنهم يستعجلون وفاته .

الزوجة الثانية تحجر على زوجها لتسجل أملاكه باسمها

أما المحامي الأستاذ عمار حمديني، فقد أكد على ضرورة نقل الراغبين في الحجر عرض المحجور

عليه على طبيب مختص في الأمراض العقلية وتقديمها للموثق، وهو من يحرر عقد توثيقي من خلاله

يكون بوسعهم الاحتجاج ورفع دعوى أمام المحكمة. واستشهد المحامي بقضية شيخ متقدم في السن

متزوج من امرأتين، أراد أبناؤه من الزوجة الأولى الحجر عليه فهم المتكفلون بمصاريف علاج والدهم

لكونه عاجز وأصيب بأمراض الشيخوخة، لكن زوجته الثانية رفضت الأمر وأكدت سلامته العقلية وقدرته

على تسيير شؤونه.

القضية الثانية هي لشيخ توفي وترك زوجتين وأبنائه من الزوجة الأولى جميعهم إطارات ويشغلون

مناصب هامة وبعد وفاته تفاجؤوا بتسجيل جميع الممتلكات باسم الزوجة الثانية بموجب عقد هبة

وهو ما يمنحها حرية التصرف في كل شيء وبعد تحريات حول الأمر اكتشف الأبناء استغلال زوجته

الثانية لمرضه للقيام بالحجر عليه ثم تحويل أملاكه باسمها، وهو ما دفع الأبناء لرفع دعوى لإبطال

الحجر فهو، حسبهم، ليس في محله، فوالدهم كان سليما عقليا ولم يصب بمرض يؤثر على قدراته

العقلية وبالتالي يطالبون بإلغاء عقد الهبة أيضا.

ولا يقتصر الحجر دوما على الأبناء، فإحدى المسنات تخطت 80 عاما، ولم يكن هناك أحد يرعاها ولها

ممتلكات كثيرة وكان جارها يعتني بها ويتولى شؤونها ليحجر عليها ويسجل ممتلكاتها باسمه، وبعد

وفاتها بفترة ظهر أقاربها وطالبوه بإعادة ما أخذه ونوّه المحامي بكثرة قضايا الحجر عند أصحاب

الممتلكات الواسعة.

نشر في البوابة الشروق بتاريخ 2-02-2017

مقال لزهيرة مجراب

عن المحامي